من هذه الآية : أنّ مجموع هذه الأُمّة بمَن فيها من أبرارهم وأئمّتهم من حيث المجموع ـ لا من حيث الأفراد فرداً فرداً ـ خير من مجموع سائر الأُمـم ; وأين هذا من الدليل علىٰ خيرية الصحابة جميعاً ؟!
بل إنّ دخول الصحابة ـ فرداً فرداً ـ في مضمون الآية موقوف علىٰ إحراز كونهم صلحاء أبرار ; لعدم جواز دخول المنافقين منهم ـ الّذين علمنا بوجودهم الإجمالي سابقاً ـ ..
فلو أثبتنا خيرية الجميع علىٰ نحو الأفراد بهذه الآية للزم الدور المحال ; لأنّ الأصحاب لا يدخلون في مضمون هذه الآية إلاّ أن يكونوا من الأبرار ، ولا يكون الدليل علىٰ أنّ الأصحاب أبرار إلاّ بهذه الآية ، وهذا هو الدور الّذي عنيناه ، فتأمّل يرحمك الله !!
ويجدر الالتفات أيضاً إلىٰ أنّ ذيل الآية ، وهو قوله تعالىٰ : ( تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ) يصف الأُمّة الخيّرة بهذه الصفات ، ومن الواضح أنّ هناك من الصحابة مَن يأمر بالمنكر.
روىٰ مسلم في صحيحه : عن عامر بن سعد بن أبي وقّاص ، عن أبيه ، قال : أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً فقال : ما منعك أن تسبّ أبا تراب ؟
فقال : أمّا ما ذكرت ثلاثاً قالهنّ له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فلن أسبّه ، لأن تكون لي واحدة منهنّ أحبّ إليَّ من حمر النعم ... (١).
وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « سُباب المسلم فسوق ، وقتاله كفر » (٢) !!
أمّا الحديث الّذي جاء به الكاتب وسمّاه ـ علىٰ مبناه ـ : صحيحاً ، وهو : خير القرون قرني ... الخ ، فبغضّ النظر عن مناقشة سند الحديث
__________________
(١) راجع تمام الرواية في صحيح مسلم ٧ / ١٢٠.
(٢) صحيح البخاري ٧ / ٨٤ كتاب الأدب.