بعدها ياء ، ويثلث أوّلها ـ أي : ظلمة ، ونسبة العمىٰ إليها مجاز عقلي ، وإنّما يعمىٰ القائمون فيها إذ لا يهتدون إلىٰ الحقّ ، وهو تأكيد لظلام الحال واسودادها إذ لا فائدة من الإقدام ، ولا خير للناس من وراء الإحجام (١).
وقال ابن قتيبة في : « تاريخ الخلفاء » ، المسمّىٰ بـ : الإمامة والسياسة : إنّ عليّاً ـ كرّم الله وجهه ـ أُتي به إلىٰ أبي بكر وهو يقول : أنا عبد الله وأخو رسوله.
قيل له : بايع أبا بكر !
فقال : أنا أحقّ بهذا الأمر منكم ، لا أُبايعكم وأنتم أوْلىٰ بالبيعة لي. أخذتم هذا الأمر من الأنصار ، واحتججتم عليهم بالقرابة من النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وتأخذونه منّا أهل البيت غصباً ؟
ألستم زعمتم للأنصار أنّكم أوْلىٰ بهذا الأمر منهم لمّا كان محمّد منكم ، فأعطوكم المقادة ، وسلّموا إليكم الإمارة ؟!
وأنا احتجّ عليكم بمثل ما احتججتم به علىٰ الأنصار ; نحن أوْلىٰ برسول الله حيّاً وميتاً ، فانصفونا إن كنتم تؤمنون ! وإلاّ فبؤوا بالظلم وأنتم تعلمون.
فقال له عمر : إنّك لست متروكاً حتّىٰ تبايع.
فقال له عليّ : احلب حلباً لك شطره (٢) ، واشدد له اليوم أمره يردده عليك غداً. ثمّ قال : والله يا عمر ! لا أقبل قولك ولا أُبايعه.
فقال له أبو بكر : فإن لم تبايع فلا أكرهك.
__________________
(١) راجع : تعليقته علىٰ النهج ١ / ٣١.
(٢) قال ابن قتيبة في هامش كتابه شارحاً هذه العبارة : أي افعل فعلاً يكون لك منه نصيب ; فأنت تبايعه اليوم ليبايعك غداً !