كما استطاع معاوية أن يخلق خطّاً معارضاً لخطّ أهل البيت عليهمالسلام ، الّذين أمر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أُمّته بالتمسّك بهم مع القرآن ، وجعلهما ـ أي القرآن والعترة معاً ـ أماناً للأُمّة من الضلال أبد الآبدين.
وهذا الخطّ الّذي ما زالت آثاره سارية المفعول إلىٰ الآن هو خطّ القول بعدالة الصحابة جميعاً ، ولعلّ الدليمي هو أحد ضحايا هذا الخطّ ، ومن أتباعه كما يدلّ عليه كتابه ..
فقد اختلق معاوية وحزبه قضية القول بعدالتهم جميعاً ، ووضع الأحاديث في فضائلهم ووجوب اتّباعهم ، قبال الآيات والأحاديث الدالّة علىٰ عصمة وطهارة أهل البيت عليهمالسلام ووجوب اتّباعهم والاقتداء بهم.
كالحديث الموضوع : أصحابي كالنجوم ، بأيّهم اقتديتم اهتديتم (١) ، وغيره من الأحاديث الواردة في كتب القوم في هذا المورد ، الّتي لم تفرّق بين صحابي وصحابي ، وقد مرّ البحث في الموضوع أوّل الكتاب فلا نعيد.
وقد اعترف ابن عرفة ، المعروف بـ : « نفطويه » في تاريخه : إنّ أكثر الأحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة افتعلت في أيّام بني أُمية ; تقرّباً إليهم بما يظنّون أنّهم يرغمون به أُنوف بني هاشم (٢).
وسبب خلق هذا الخطّ المعارض لخطّ أهل البيت عليهمالسلام قد أدركه
__________________
(١) اعترف بذلك ابن تيمية ; انظر كتابه : المنتقىٰ : ٥٥١ ..
وانظر : الإحكام في أُصول الأحكام ٥ / ٦٤٢ و ٦ / ٨١٠ ، ميزان الاعتدال ١ / ٤١٣ ; وعدّه الذهبي من بلايا جعفر بن عبد الواحد ، سلسلة الأحاديث الضعيفة ١ / ٧٩.
(٢) انظر : النصائح الكافية : ٩٩ ، نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ١١ / ٤٦ ؛ واقرأ في الصفحة الّتي قبلها قول معاوية في كتابه الّذي بعثه إلىٰ عمّاله : ولا تتركوا خبراً يرويه أحد من المسلمين في أبي تراب إلاّ وائتوني بمناقض له في الصحابة ؛ فإنّ هذا أحبُّ إليَّ وأقرُّ لعيني ، وأدحض لحجّة أبي تراب وشيعته.