قالوا : يا رسول الله! الشهداء الّذين استشهدوا مع الأنبياء ؟
قال : « هم كذلك ، وما يمنعهم وقد أكرمهم الله بالشهادة ».
قالوا : فمَن يا رسول الله ؟!
قال : « أقوام في أصلاب الرجال يأتون من بعدي ، يؤمنون بي ولم يروني ، ويصدّقوني ولم يروني ، يجدون الورق المعلّق فيعملون بما فيه ، فهؤلاء أفضل أهل الإيمان إيماناً » (١).
وأخرج مثله : القرطبي في تفسيره ، والبيهقي في الدلائل ، والأصبهاني في الترغيب ، والطبراني ، وابن أبي شيبة ، وابن عساكر ، وأحمد ، والدارمي ، والبخاري في تاريخـه بأسانيدهم ; فراجع ثمّة !
أما قولـه تعالىٰ : ( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ ـ إلىٰ قوله ـ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) ، فهو يدلّ علىٰ أنّ الله سبحانه راضٍ عن السابقين الأوّلين من المهاجرين والأنصار ، وقد أخبرنا سبحانه ـ في آيات أُخرىٰ من كتابه الكريم ـ أنّه لا يرضىٰ عن القوم الفاسقين ، كما لا يرضىٰ عن المرتدّين عن دينهم ; قال تعالىٰ : ( وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) (٢) ..
ومقتضىٰ الجمع بين الآيات المباركة يستلزم القول : إنّ الإقرار بعدالة المذكورين بالآية المباركة ـ الآية ١٠٠ من سورة التوبة ـ ثابت إلاّ مَن ثبت كفره أو ارتداده أو فسقه ، فنخرجه منهم جمعاً بين الأدلّة ، وليس في ذلك تنقيصٌ لأحـد ، أو بخسٌ لفضله ؛ إذ لا يمكن لأحـد أن يقول : إنّ الصحابي
__________________
(١) فتح القدير ١ / ٣٤.
(٢) سورة البقرة : الآية ٢١٧.