وطرقه ، فإنّ في نصّ الحديث من التهافت والتداعي ممّا لا يصحّ صدوره عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قطعاً !
فالقرن الّذي جاء بعد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بخمسين سنة كان شرّ قرون الدنيا ، وهو أحد القرون المذكورة في النصّ ، وهو القرن الّذي قُتل فيه سيّد شباب أهل الجنّة ، الإمام الحسين عليهالسلام ، ذبحاً من القفا ، وأُوقع بالمدينة (١) ، وحوصرت مكّة ، ونُقضـت الكعبة (٢) ، وشربت خلفاؤه والقائمون مقامه عند القوم والمنتصبون في منصب النبوة الخمور ، وارتكبوا الفجور ، كما جرىٰ ليزيد بن معاوية وليزيد بن عاتكه وللوليد بن يزيد ، وأُريقت الدماء الحرام وقتل المسلمون وسبي الحريم ، واستعبد أبناء المهاجرين والأنصار ونقشت علىٰ أيديهم كما يُنقش علىٰ أيدي الروم ، وذلك في خلافة عبد الملك وإمرة الحجّاج.
وإذا تأمّلت كتب التاريخ وجدت الخمسين الثانية أكثرها شرّاًً لا خير في رؤسائها وأُمرائها ، والناس برؤسائهم وأُمرائهم ! فكيف يصحّ هذا الخبر عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ؟!!
ثمّ إنّ النـبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ لو سلّمنا بصـدور الحديث عنه ـ مدح القرن ولم يقل بإيمان كلّ مَن عاش فيه ، كيف ؟! وفي أهل ذلك الزمان الكفّار والمنافقون والفسّاق والمبتدعون ، كـ : النواصب والخوارج والمرجئة والمعطّلة والجهمية والقدرية وغيرهم.
__________________
(١) راجع نتائج معركة الحَرّة سنة ٦٣ هـ في كتب التاريخ.
(٢) راجع هجوم جيش يزيد علىٰ مكّة ، وهدم جانب من البيت بفعل المنجنيق الّذي كان يضرب به قائد جيش يزيد الكعبة في الإمامة والسياسة ٢ / ١٧ ، سير أعلام النبلاء ٤ / ٢٢٨.