بغيهم ـ إلىٰ أمر الله بوجوب طاعته عليهالسلام وهو إمام زمانهم ، بل ازدادوا بغياً وعدواناً ..
وقد استعملوا في حربهم لأمير المؤمنين ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ شتّىٰ أساليب المكر والخديعة (١) ، ومنها : حيلتهم ـ بعد أن ادركوا أنّهم سيخسرون الحرب ـ برفع المصاحف علىٰ رؤوس الرماح والدعوة إلىٰ تحكيم القرآن ، وفي ذلك يقول الإمام عليهالسلام للخوارج الّذين فُتنوا بعد رفع المصاحف وانشقّوا عليه :
« ألم تقولوا عند رفع المصاحف حيلةً وغيلةً ، ومكراً وخديعةً : إخواننا وأهل دعوتنا ، استقالوا واستراحوا إلىٰ كتاب الله سبحانه ، فالرأي القبول منهم والتنفيس عنهم.
فقلت لكم : هذا أمرٌ ظاهره إيمان وباطنه عدوان ، وأوّله رحمة وآخره ندامة ؛ فأقيموا علىٰ شأنكم والزموا طريقتكم ، وعضُّوا علىٰ الجهاد بنواجذكم ، ولا تلتفتوا إلىٰ ناعق نعق ؛ إن أُجيب أضلَّ ، وإن تُرك ذلَّ ؟!
وقد كانت هذه الفعلة ، وقد رأيتكم أعطيتموها (٢) ، والله لئن أبيتها ما وجبت علَيَّ فريضتها ، ولا حمَّلني الله ذنبها ، ووالله إن جئتها إنّي للمحِقُّ الّذي يُتَّبع ، وإنّ الكتاب لمعي ما فارقته مذ صحبته ، فلقد كنّا مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وإنَّ القتل ليدور علىٰ الآباء والأبناء والإخوان والقرابات ، فما نزداد علىٰ كلّ مصيبةٍ وشدّةٍ إلاّ إيماناً ومضيّاً علىٰ الحقّ ، وتسليماً
__________________
(١) وقد كان الإمام عليّ عليهالسلام يقول لأصحابه عند الحرب : « فوالّذي فلق الحبّة وبرأ النسمة ! ما أسلموا ، ولكن استسلموا ، وأسرُّوا الكفر ، فلمّا وجدوا أعواناً عليه أظهروه » ؛ راجع : نهج البلاغة ـ تعليق الشيخ محمّد عبده ـ ٣ / ١٦ ..
وهذه شهادة أُخرىٰ من عليّ عليهالسلام بنفاق مقاتليه من أهل صِفّين.
(٢) أنتم الّذين أعطيتم لها صورتها هذه الّتي صارت عليها برأيكم.