منابر الشرق والغرب (١).
وروىٰ الجاحظ ـ في ما حكاه عنه ابن أبي الحديد في شرح النهج ـ : أنّ قوماً من بني أُمية قالوا لمعاوية : يا أمير المؤمنين ! إنّك قد بلغت ما أمّلت فلو كففت عن لعن هذا الرجل.
فقال : لا والله حتّىٰ يربَو عليها الصغير ويهرم عليها الكبير ولا يذكر له ذاكر فضلاً (٢).
وقال العلاّمة العلوي الهدار الحدّاد في كتابه القول الفصل ما لفظه : وكـ : نداء أهل الشام وصياحهم لعمر بن عبد العزيز لمّا ترك لعن عليّ عليهالسلام في الخطبة : السُنّة السُنّة ! تركت السُنّة يا أمير المؤمنين ...
وقال بعد ذلك : وتلك قاعدة الجوزجاني الشافعي في مَن لا يلعن عليّاً عليهالسلام ; أي : يعتبره تاركاً للسُنّة (٣) ... انتهى (٤).
__________________
(١) معجم البلدان ٣ / ١٩١.
(٢) شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ٤ / ٥٧.
(٣) القول الفصل ٢ / ٣٨٤ ، نقلاً عن شرح إحقاق الحقّ ـ للمرعشي ـ ٣ / ٤٠٨ ؛ وانظر : النصائح الكافية : ١١٦.
(٤) وكان عمر بن عبد العزيز الوحيد من حكّام بني أُمية الّذي امتنع عن لعن عليّ عليهالسلام وقام برفع اللعن من علىٰ المنابر ، وكان يقول عن ذلك : كنت أحضر تحت منبر المدينة وأبي يخطب يوم الجمعة ، وهو حينئذ أمير المدينة ، فكنت أسمع أبي يمرّ في خطبته تهدر شقاشقه حتّىٰ يأتي إلىٰ لعن عليّ عليهالسلام فيجمجم ويعرض له من الفهاهة والحصر ما الله أعلم به ، فكنت أعجب من ذلك ، فقلت له يوماً : يا أبت ! أنت أفصح الناس وأخطبهم ، فما بالي أراك أفصح خطيب يوم حفلك حتّىٰ إذا مررت بلعن هذا الرجل صرت ألكن عيياً ؟!
فقال : يا بني ! إنّ مَن ترىٰ مَن تحت منبرنا من أهل الشام وغيرهم لو علموا من فضل هذا الرجل ما يعلمه أبوك لم يتبعنا منهم أحد.