وفي موضع آخر من النهج نفسه ، يقول الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام من خطبة له يذكر فيها فضل أهل بيت النبوّة عليهمالسلام : « أين الّذين زعموا أنّهم الراسخون في العلم دوننا ، كذباً وبغياً علينا ، أن رفعنا الله ووضعهم ، وأعطانا وحرمهم ، وأدخلنا وأخرجهم ، بنا يُستعطىٰ الهدىٰ ويُستجلىٰ العمىٰ ، إنّ الأئمّة من قريش غرسوا في هذا البطن من هاشم ، لا تصلح علىٰ سواهم ، ولا تصلح الولاة من غيرهم » (١).
ويقول عليهالسلام في موضع آخر : « انظروا أهل بيت نبيّكم فالزموا سمتهم (٢) ، واتّبِعوا أثرهم ، فلن يخرجوكم من هدىً ، ولن يعيدوكم في ردىً ; فإن لبدوا فالبدوا (٣) ، وإن نهضوا فانهضوا ، ولا تسبقوهم فتضلّوا ، ولا تتأخّروا عنهم فتهلكوا » (٤).
وفي أهل البيت أيضاً يقول عليهالسلام : « فيهم كرائم القرآن ، وكنوز الرحمن ، إن نطقوا صدقوا ، وإن صمتوا لم يسبقوا » (٥).
أقول :
هذا غيض من فيض نهج البلاغة في بيان أهل الذكر والراسخين في العلم ، الّذين أمر الله المسلمين بسؤالهم وأخذ علوم القرآن عنهم ، فلو أنّ الدليمي كان قد ذكر هذه النصوص عند قراءته للـ « نهج » وعند دعوته بالعودة
__________________
(١) نهج البلاغة ـ تعليق الشيخ محمّد عبده ـ ٢ / ٢٧.
(٢) السمت ـ بالفتح ـ : طريقهم أو حالهم أو قصدهم.
(٣) لَبَدَ ـ كـ : نَصَرَ ـ : أقام ؛ أي : إن أقاموا فأقيموا.
(٤) نهج البلاغة ـ تعليق الشيخ محمّد عبده ـ ١ / ١٨٩.
(٥) نهج البلاغة ـ تعليق الشيخ محمّد عبده ـ ٢ / ٤٤.