الهادفة إلىٰ فتح الحوار والتفكير الجادَّين من أجل الوصول إلىٰ الحقيقة الّتي اشتبهت معالمها عليهم ؛ وذلك لخطر منزلة المتخاصِمَين في القضية !
قال ابن أبي الحديد في شرحه لكلام أمير المؤمنين عليهالسلام المتقدّم : ما أحسن هذا التقسيم وأبلغه في عطف القلوب عليه واستمالة النفوس إليه ؛ قال : لا يخلو حالي في خروجي من أحد أمرين : إمّا أن أكون ظالماً ، أو مظلوماً ، وبدأ بالظلم هضماً لنفسه ، ولئلاّ يقول عدوّه بدأ بدعوىٰ كونه مظلوماً ، فأعطىٰ عدوّه من نفسه ما أراد ..
قال : فلينفر المسلمون إليَّ ؛ فإن وجدوني مظلوماً أعانوني ، وإن وجدوني ظالماً ينهوني عن ظلمي لأعتب وأنيب إلىٰ الحقّ. وهذا كلام حسن ، ومراده عليهالسلام يحصل علىٰ كلا الوجهين ؛ لأنّه إنّما أراد أن يستنفرهم ، وهذان الوجهان يقتضيان نفيرهم إليه علىٰ كلّ حال (١).
أقول :
بعد هذا الّذي بيّناه وذكرناه من أدلّة حول عصمته عليهالسلام من الكتاب والسُنّة ، ومن نهج البلاغة ، وبيان حال خطاباته عليهالسلام واتّجاهاتها ; لا يترتّب الأثر الّذي رتّبه الدليمي علىٰ تلك الخطابات بقوله : فكونه غير معصوم أمر مفروغ منه !! بل العكس هو الصحيح ، أي : كونه عليهالسلام معصوماً هو الأمر المفروغ منه ..
وهذه الأدلّة الّتي تلوناها عليك ، بين يديك ، تنبئك بعصمته عليهالسلام بما لا لبس فيه.
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ١٧ / ١٤٠.