إلى غيرها من الشواهد المذكورة في كتب السير والتاريخ الّتي تبيّن لنا أن ليس كلّ مَن أنفق وقاتل أو هاجر مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان من أهل الجـنّة (١).
فلا معنىٰ بعد هذا لقول الكاتب : « ووعدهم جميعاً الجنّة ... » !!
فالأوْلىٰ بالكاتب ، بل بكلّ باحث ، أن يسلك في هذا الموضوع منهجاً وسطاً لا إفراط فيه ولا تفريط ، ويعطي لكلّ ذي حقّ حقّه ، ولا يخلط الحابل بالنابل ، فيأتي بأدلّة من القرآن الكريم تفيد العموم مثلاً ، وهو بعد لم يراجع مخصّصاتها ، ليصل إلىٰ القول الفصل في الموضوع ، ويطلق أحكامه قبل ذلك ، وقد اشتهر علىٰ لسان العلماء : ما من عامّ إلاّ وقد خصّ !
وقد أعجبني من كتّاب أهل السُنّة الّذين بحثوا هذا الموضوع بتجرّد
__________________
(١) وقد ورد أيضاً أنّ من الصحابة : مَن قتل نفسه في إحدىٰ المعارك بسهم ، وقد أخبر النبي صلىٰاللهعليهوآلهوسلم عنه قبل ذلك بأنّه من أهل النار ; راجع : سُـنن البيهقي ٨ / ١٩٧ ، ورواه البخاري ومسلم.
ومنهم : مَن قتل نفسه بمشاقص ورفض النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يصلّي عليه ; راجع : سُنن البيهقي ٤ / ١٩ ، وقال : رواه مسلم في الصحيح عن عون بن سلام ، وقريب منه في سُـنن ابن ماجة ١ / ٤٨٨.
ومن الصحابة : مَن قام بقتل المسلِّم عليه ، فخالف بذلك أُسلوب ردّ التحية في الإسلام ، الّتي نزل بها القرآن وعلّمهم إيّاها النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ; راجع : المستدرك علىٰ الصحيحين ـ للحاكم ـ ٢ / ٢٥٦ وصحّحه ، وتلخيص المستدرك ـ للذهبي ـ ٢ / ٢٥٦ وصحّحه ، سُـنن الترمذي ٤ / ٣٠٧ ، سُـنن البيهقي ٩ / ١١٥.
بل منهم : مَن كان يتمنّى أو ينتظر موت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كي يتزوّج من نسائه ، ومن أجل ذلك أنزل الله تعالىٰ قوله : ( وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ عِندَ اللهِ عَظِيمًا ) ؛ راجع : سُـنن البيهقي ٧ / ٦٩ ، والآية في سورة الأحزاب : ٥٣ ... إلىٰ غير ذلك من الشواهد.