المطلب الثامن
في استصحاب القدر المشترك الّذي قد يعبّر عنه باستصحاب الكلّي ، ونعني به ما كان المستصحب كلّيا مشتركا بين أمرين أو أزيد ، سواء كان من قبيل الجنس المشترك بين أنواع ، أو النوع المشترك بين أفراد.
ومحلّه ما إذا كان المتيقّن في الزمان السابق كلّيا في ضمن فرد مردّد بين تقديرين يقطع ببقائه على أحد التقديرين وارتفاعه على التقدير الآخر ، فيشكّ لذلك في بقاء الكلّي وارتفاعه ، سواء كان الشكّ من جهة المقتضي ـ كما لو تردّد ما في الدار من الحيوان بين ما لا يعيش إلاّ سنة وبين ما يعيش مائة سنة ، فيحكم ببقائه بعد انقضاء السنة استصحابا للحيوان الكلّي المشترك بين الفردين ، ويرتّب عليه آثاره الشرعيّة إن كانت من دون تعرّض للفردين بنفي الأوّل وإثبات الثاني ـ أو من جهة الرافع إذا حصل ما كان مزيلا للفرد الموجود على أحد تقديريه غير مزيل له على التقدير الآخر ، كالنجاسة الواقعة على الثوب المردّدة بين البول وغيره ، بناء على اعتبار التعدّد في إزالة الأوّل وكفاية المرّة في إزالة الثاني مع حصول غسله مرّة واحدة ، فيستصحب النجاسة من حيث إنّها كلّي مشترك بينهما ويترتّب عليه أحكامها الّتي منها وجوب غسله مرّة اخرى ، من دون تعرّض لإثبات خصوص البول ونفي الآخر.
ونحوها الحدث المردّد بين الأصغر والأكبر المتحقّق بخروج البلل المشتبهة بين البول والمنيّ ، مع حصول إحدى الطهارتين من الوضوء أو الغسل الموجب للشكّ في ارتفاع الحدث الكلّي المشترك بينهما ، فيستصحب إلى أن يحصل الطهارة الاخرى أيضا من دون تعرّض لإثبات شيء من الخصوصيّتين ونفي الاخرى.
وقد يجعل من استصحاب القدر المشترك ما لو علم بتحقّق الكلّي في ضمن فرد معيّن مع الجزم بارتفاع ذلك الفرد والشكّ في وجود فرد آخر مكانه على وجه يتقوّم به ذلك الكلّي وعدمه ، وهذا على قسمين :
أحدهما : أن يكون الشكّ في تعيين الفرد الموجود أهو من جنس الفرد الأوّل أو من غير جنسه ، كالسواد المشترك بين الأسود الشديد والأسود الخفيف إذا علم بتحقّقه في ضمن الفرد الأوّل ثمّ ارتفاعه بالغسل وتبدّله إلى ما يشكّ في كونه الفرد المجانس له وهو الأسود الخفيف سواده أو الفرد المغائر له كالأبيض ، وهذا يوجب الشكّ في بقاء القدر