وإن دخل في فعل آخر ، وأمّا الغسل والتيمّم فكذلك على ما نصّ عليه جماعة. وأمّا التكلّم في تحقيق هذا الأصل وأدلّته وسائر ما يتعلّق به مثل بيان المعنى المراد من الفراغ وما بعده وتجاوز المحلّ والدخول في الغير ونحو ذلك فليس من وظيفة هذا الفنّ ولا هذا الكتاب.
المسألة الثالثة : في مقابلة الاستصحاب للقرعة ، ولا ينبغي التأمّل في كونه مقدّما عليها ، كما أنّ سائر الاصول كأصل البراءة وأصل الاشتغال وأصل التخير مقدّمة عليها.
والوجه في ذلك : أنّ دليلها كالخبر العامّي « القرعة لكلّ أمر مشتبه » كما في رواية (١) أو « لكلّ أمر مشكل » كما في اخرى (٢) أعمّ من أدلّة كلّ واحد من الاصول الأربع فيخصّص بتلك الأدلّة ، كما أنّه يخصّص بغير الفتاوى والأحكام بدليل الإجماع.
قال الشهيد في القواعد : ولا تستعمل القرعة في الفتاوى وفي الأحكام إجماعا (٣). فتختصّ القرعة بموارد لا يجري فيها الاستصحاب وغيره من الاصول المذكورة ، وضابطها الشبهات الموضوعيّة الخارجيّة الّتي لم يكن لها طريق شرعي يوجب الخروج عن الشبهة فيها سوى القرعة ، سواء كان المشتبه معيّنا في الواقع مجهولا في الظاهر ، أو غير معيّن في الظاهر والواقع ، كما لو اشتبه اخته بأجنبيّة فهو ما دام حيّا لا ينكحهما معا من باب الشبهة المحصورة ، وإذا مات فتعيين الوارث منهما يحتاج إلى قرعة ، وكما لو انهدمت الدار على رجل وجاريته وزوجته وكان لهما ابنان فمات الرجل والامّان وبقي الولدان فتشخيص السيّد منهما والوارث للرجل يحتاج إلى قرعة ، وإذا اختلف الولدان في الذكورة والانوثة فلا يتناكحان لقاعدة الشبهة المحصورة ولكن لتشخيص المولى منهما لا بدّ من القرعة بينهما ، والشاة الموطوءة للإنسان المشتبهة في قطيع غنم فإنّه لا بدّ لذبحها وإحراقها من تشخيصها بالقرعة ولا ينفعها قاعدة الشبهة المحصورة ، وكالشاة المغصوبة المشتبهة بشياة مملوكة فقاعدة الشبهة المحصورة وإن كانت تقضي بوجوب الاجتناب عن الجميع بالنظر إلى عمل نفسه ولكنّها لا تنفع في تشخيص المغصوبة ليدفعها إلى مالكها إلاّ القرعة ، وكما في اختلاط الموتى في الجهاد ، والعبدين المأذونين في شراء كلّ منهما صاحبه إذا اختلفا بعد الشراء أو مات أحدهما ، أو تعارض البيّنتين للخارجين ، والوصيّة بما لا يسعه الثلث مع العلم بالسبق دون السابق ، واشتباه المطلّقة والمنذورة وطؤها إذا مات الزوج ، والمتداعيين في بنوّة لقيط ، والمولود إذا لم يكن له ما للرجال ولا ما للنساء ، إلى غير ذلك من أمثلة
__________________
(١) لم نظفر عليه.
(٢) عوالي اللآلئ ٢ : ٢٨٥ ، ح ٢٥.
(٣) القواعد والفوائد ٢ : ٢٣.