ونستنتج مما سبق بان هذه الآية ردّ على اليهود الذين قالوا : ( لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَّعْدُودَةً ) وعلى هذا نحمل السيئة التي أحاطت به الخطيئة على الشرك ، فكأنه قال : من كسب سيئة من السيئات وأحاطت تلك السيئة به بحيث استولت عليه المعصية ، ولم يبق له طريق إلى النجاة ، ولا يكون معه طاعة يستحق بها الثواب ، وهذا إنما يصدق في حق المشرك والكافر ، فلا يشمل مرتكب الكبيرة ، كما يذهب اليه المعتزلة. وهذا الذي أحاطت به الخطيئة وأوصلته إلى الشرك يكون ملازماً ومصاحباً للنار وملخداً فيها أبد الآباد.
٢. قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنظَرُونَ ). ١
قوله : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ ) أي أن من مات مصراً على كفره غير تائب منه ، ذهب إليه الفخر الرازي ، وقال : إن ظاهر قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ ) عام في حق كل من كان كذلك ، فلا وجه لتخصيصه ببعض من كان كذلك ، ٢ لأن البعض خصص الآية بالذين ذكرهم القرآن قبل هذه الآية ، وهم الذين يكتمون القرآن. ٣
وقال العلامة الطباطبائي : قوله ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ ) كناية عن إصرارهم على كفرهم وعنادهم وتعنتهم في قبول الحق ، فان من لايدين بدين الحق لا لعنادٍ واستكبار بل لعدم تبينه له ، ليس بكافر بحسب الحقيقة ، بل مستضعف أمره إلى الله. ٤
قوله : ( أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ ) الابعاد من الرحمة مع ايجاب العقوبة قال به الشيخ الطوسي ٥ والعلامة الطبرسي. ٦
________________
١. البقرة ، ١٦١ ، ١٦٢. |
٣. الفخر الرازي ، التفسير الكبير ، ج ٣ ، ص ١٨٧. |
٣. المصدر السابق. |
٤. تفسير الميزان ، ج ١ ، ص ٣٩٠. |
٥. راجع : تفسير التبيان ، ج ٢ ، ص ٥١.
٦. راجع : مجمع البيان ، ج ١ ، ص ٤٧٢.