كلّه لأنه جاء ودلّ عليه وأمر به ، ولا يقبل من أحد شيئا منه إلاّ به.
ومن عرف اجتنب الكبائر وحرّم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، وحرّم المحارم كلّها ، لأن بمعرفة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وبطاعته دخل فيما دخل فيه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وخرج ممّا خرج منه النبيّ.
من زعم أنه يملك الحلال ويحرّم الحرام بغير معرفة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يحلّل لله حلالا ولم يحرّم له حراما ، وأنّه من صلّى وزكّى وحجّ واعتمر فعل ذلك كلّه بغير معرفة من افترض الله عليه طاعته لم يقبل منه شيئا من ذلك ، ولم يصلّ ولم يصم ولم يزكّ ولم يحج ولم يعتمر ولم يغتسل من الجنابة ولم يتطهّر ولم يحرّم لله حراما ولم يحلّل لله حلالا ، ليس له صلاة وإن ركع وسجد ، ولا له زكاة وإن أخرج لكلّ أربعين درهما ، ومن عرفه وأخذ عنه أطاع الله.
وأمّا ما ذكرت أنّهم يستحلّون نكاح ذوات الأرحام التي حرم الله في كتابه ، فإنّهم زعموا أنه إنّما حرّم علينا بذلك نكاح نساء النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فإن أحقّ ما بدأ منه تعظيم حقّ الله وكرامة رسوله وتعظيم شأنه [وما] (١) حرّم الله على تابعيه ونكاح نسائه من بعد قوله : (وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللهِ عَظِيماً) (٢) وقال الله تبارك وتعالى : (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ) (٣) وهو أب لهم ، ثم قال : (وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلاَّ ما قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَمَقْتاً وَساءَ سَبِيلاً) (٤).
__________________
(١) في الأصل : ولما ، وما أثبتناه هو الصحيح الموافق لما في المصدر على ان سياق الكلام لا يحتمل غير العطف.
(٢) الأحزاب : ٣٣ / ٥٣.
(٣) الأحزاب : ٣٣ / ٦.
(٤) النساء : ٤ / ٢٢.