الدرّ النظيم : ومعه جماعة من فتيان بني هاشم ، فأقبل نحو مضارب عبيدالله فخرج لاستقباله وطرح وسادة وجلس بين يديه ، وقال : يابن الحر ، إنّ أهل مصركم كتبوا إليّ أن هلمّ ، وعاهدوني النصرة وعدم الخذلان وأن يجاهدوا معي حقّ الجهاد ، والآن جائني خبر خذلانهم إيّاي وأنّهم استدبروا الحقّ واستقبلوا الباطل ، وأنت يا بن الحرّ على علم بأنّ للخير جزاء وللشرّ مثله ، مثوبة وعقوبة ، وسوف يُسئل المرء عن أقواله وأفعاله ، فأدعوك اليوم إلى نصرتي إن أجبتني وسوف يكون ذلك كفّارة لذنوبك وأجراً عمّا فاتك من الثواب ، وفي القيامة يُسرّ جدّي بك.
فقال عبيدالله بن الحر : إنّي لأعلم علماً يقيناً أنّ من أطاعك واتّبعك تكون جزائه الجنّة ولكن أهل الكوفة خذلوك ورفع ألوية الغدر بك ، وقد وجّه إليك يزيد بجيش لا يعدّ ولا يحصى وهم ظاهرون على أصحابك ، والنصر لهم عليك ، وفي مثل هذه المواقف الصعبة ماذا يصنع مثلي وهو فرد ، فأرجو أن تعفيني من ذلك ولك هذه الفرس الملحقة ، ما فاتها سابق ولا أدركها لاحق ، وأعطيك سيفي هذا القاطع وهو أحد من أنياب الليث فاقبله منّي ولا تحملني على خطّة لا أطيقها.
فقال الإمام عليهالسلام : ما جئتك أطلب فرسك أو سيفك وإنّما أردت أن تنال التوفيق بطاعتي وتطهّر نفسك في هذا الجهاد في سبيل الله وتبذل نفسك فيه فلا حاجة لنا بمالك وما كنت متّخذ المضلّين عضداً ، ولقد قال جدّي رسول الله صلىاللهعليهوآله : من سمع واعية أهل بيتي فلم يُعنهم ويلبِّ ندائهم أكبّه الله في نار جهنّم ، قال هذا وخرج من خيمة ابن الحر.
وفي رواية الدرّ النظيم : قال ابن الحرّ : والله لقد كسر قلبي الحسين حين رأيته وقد أحدق به فتيانه وعلمت أنّ السيف آخذهم.
وفي خبر آخر : إنّ عبيدالله بن الحر ندم بعد الواقعة وأخذ يقرّع نفسه ويلومها على ما فاته من نصرة الحسين عليهالسلام وينشد هذا الشعر :