أكذب منّي ، ثمّ غادر المجلس غاضباً ، وخرج من الشام ومعه خمسون فارساً وكان لا يمرّ على قرية إلّا وانتهبها بمن معه ، فهب حرس الحدود وحماة الثفر لردعه فحمل عليهم وقتل جماعة منهم وفرّ الباقون حتّى نزل الكوفة إلّا أنّه لم يلاق الإمام عليهالسلام.
وفي نفس المهموم يروي عن قمقام فرهاد ميرزا (١) أنّ عبيدالله المذكور كان عثمانيّاً وكان يعدّ من الشجعان ومن فرسان العرب ، وكان في وقعة صفّين في جيش معاوية بن أبي سفيان لما كان في قلبه من محبّة عثمان ، ولمّا قُتل أمير المؤمنين عليهالسلام انتقل إلى الكوفة وكان بها إلى أن حضرت مقدّمات قتل الحسين عليهالسلام فخرج منها تعمّداً لئلّا يحضر في قتله ، انتهى (٢).
يظهر من هذه الرواية بأنّ عودته إلى الكوفة من الشام كانت بعد شهادة أمير المؤمنين عليهالسلام ، وفي بعض التواريخ أنّ خروجه من الكوفة كان بعد دخول مسلم ومجيء عبيدالله بن زياد لعنهما الله ، ولمّا فرغ هذا اللعين من تصفية مسلم وهانئ عليهماالسلام جدّ في البحث عن رجالات أهل الكوفة وأشرافهم من هؤلاء عبيدالله ابن الحر فلم يقع أحد له على أثر حتّى جاء مجلس عبيدالله اتفاقاً ، فسأله عبيدالله ابن زياد : أين كنت هذه المدّة ؟ فقال : مرضت ، فقال : في قلبك لا في جسدك ، فقال ابن الحر : لم يمرض قلبي وقد عافاني الله في جسمي. فقال ابن زياد : كذبت بل كنت مع عدوّنا ، فقال : لو كنت معه لشوهد مقامي ولم يخف مشهدي لأنّي لست مجهولاً ، وفي هذه الحال انشغل ابن زياد مع آخر يكلّمه فانتهز ابن الحرّ
__________________
(١) هذا الكتاب الشريف ترجمته إلى العربيّة مع التحقيق ونشرته دار الشريف الرضي وهو كتاب جيّد مفيد ومبارك.
(٢) نفس المهموم ، ص ١٧٨.