ساروا منها فرسموا صدر يومهم حتّى انتصف النهار ، ثمّ إنّ رجلاً قال : الله أكبر ، فقال الحسين عليهالسلام : الله أكبر ، ما كبّرت ؟ قال : رأيت النخل ، فقال له الأسديّان : إنّ هذا المكان ما رأينا به نخلة قطّ. قالا : فقال الحسين عليهالسلام : فما تريانه رأى ؟ قلنا : نراه رأى هوادي الخيل ، فقال : وأنا والله أرى ذلك.
فقال الحسين عليهالسلام : أما لنا ملجأ نلجأ إليه نجعله في ظهورنا ونستقبل القوم من وجه واحد ؟ فقلنا له : بلى ، هذا ذو حسم إلى جنبك تميل إليه عن يسارك فإن سبقت القوم إليه فهو كما تريد. قال : فأخذ إليه ذات اليسار ، قال : وملنا معه فما كان بأسرع من أن طلعت علينا هوادي الخيل فتبيّنّاها وعدلنا ، فلمّا رأونا وقد عدلنا عن الطريق عدلوا إلينا كأنّ رماحهم اليعاسيب وكأن راياتهم أجنحة الطير.
قال : فاستبقنا إلى ذي حسم فسبقناهم إليه ، فنزل الحسين عليهالسلام فأمر بأبنيته فضربت ، وجاء القوم وهم ألف فارس مع الحرّ بن يزيد التميمي اليربوعي حتّى وقف هو وخيله مقابل الحسين عليهالسلام في حرّ الظهيرة والحسين وأصحابه عليهمالسلام معتمّون متقلّدوا أسيافهم ، فقال الحسين لفتيانه : اسقوا القوم وأرووهم من الماء ورشّفوا الخيل ترشيفاً. فقام فتيانه فرشّفوا الخيل ترشيفاً ، فقام فتية وسقوا القوم من الماء حتّى أرووهم وأقبلوا يملأون القصاع والأتوار والطساس من الماء ثمّ يدنونها من الفرس فإذا عبّ فيه ثلاثاً وأربعاً أو خمساً عزلت عنه وسقوا آخر حتّى سقوا الخيل كلّها (١).
در آن وادى که بودى آب ناياب |
|
سوار واسب را کردند سيراب |
في ذلك القفر الجديب العاري |
|
لا يخلد الساري إلى قرار |
قد سقوا الفرسان والخيولا |
|
وأجروا الماء لهم سيولا |
__________________
(١) تاريخ الطبري ، ج ٤ ص ٣٠٢.