قليلاً عن طريقة حتّى بلغوا « البيضة » (١) عند صلاة الصبح وفيها خطب الناس بعد الصلاة بناءاً على ما رواه في نفس المهموم (٢) نقلاً عن الطبري وأبي مخنف ، فقال :
أيّها الناس ، إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : من رأى سلطاناً جائراً مستحلّاً لحرم الله ، ناكثاً لعهد الله ، مخالفاً لسنّة رسول الله يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان فلم يعيّر (يغيّر) عليه بفعل ولا قول كان حقّاً على الله أن يدخله مدخله ، ألا وإنّ هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان وتركوا طاعة الرحمن وأظهروا الفساد وعطّلوا الحدود واستأثروا بالفيء وأحلّوا حرام الله وحرّموا حلاله ، وأنا أحقّ من عيّر (غيّر) وقد أتتني كتبكم وقدمت عليَّ رسلكم ببيعتكم أنّكم لا تسلموني ولا تخذلوني ، فإن تمّمتم عليَّ بيعتكم تصيبوا رشدكم ، فأنا الحسين بن عليّ وابن فاطمة بنت رسول الله ، نفسي مع أنفسكم ، وأهلي مع أهليكم ، فلكم فيّ أُسوة ، وإن لم تفعلوا ونقضتم عهدكم ، وخلعتم بيعتي من أعناقكم فلعمري ما هي لكم بنكر لقد فعلتموها بأبي وأخي وابن عمّي مسلم ، والمغرور من اغترّ بكم ، فحظّكم أخطأتم ، ونصيبكم ضيّعتم ، ومن نكث فإنّما ينكث على نفسه ، وسيغني الله عنكم ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ولكن صاحب ناسخ التواريخ قال : أنّ هذه الخطبة هي كتاب كتبه الإمام عليهالسلام من
__________________
(١) واحدة البيض ، ماء لبني دارم وهي بالكسر ما بين واقصة إلى العذيب والقادسيّة أربعة أميال ، وبين القادسيّة والكوفة خمسة عشر فرسخاً ، وواقصة بكسر القاف والصاد بينه وبين زبالة مرحلتان.
(٢) نفس المهموم ، ص ١٧٢ والمؤلّف كما جرت عادته جعل النصّ العربي في الهامش وترجمته في متن الكتاب ، وهذه طريقة خاصّة بالمؤلّف لأنّ إخوانه العلماء جروا على دمج المتن بالترجمة في أصل الكتاب.