عبيدالله بن زياد فإذا فيه : أمّا بعد ، فجعجع بالحسين حين يبلغك كتابي ويقدم عليك رسولي فلا تنزله إلّا بالعراء غير حصن وعلى غير ماء ، وقد أمرت رسولي أن يلزمك ولا يفارقك حتّى يأتيني بإنفاذك أمري والسلام.
قال : فلمّا قرأ الكتاب ، قال لهم الحر : هذا كتاب الأمير عبيدالله بن زياد يأمرني فيه أن أُجعجع بكم في المكان الذي يأتيني فيه كتابه وهذا رسوله ، وقد أمره أن لا يفارقني حتّى أُنفّذ رأيه وأمره.
فأمر الحسين عليهالسلام بالنزول وكلّما أرادوا المسير حال أصحاب الحرّ بينهم وبينه ، فقال الإمام عليهالسلام : دعونا ننزل الغاضريّة أو نينوى أو شفاثة (١) ، فقال الحرّ : لا أستطيع ذلك لأنّ رسول ابن زياد معي ناظر بم يرجع في أمري ، وأخيراً سار يمنة ويسرة حتّى بلغ أرض كربلاء ونزلها بأُسرته وأصحابه ، ونزل الحرّ بجيشه بأزاء الحسين عليهالسلام.
توبة الحرّ وشهادته
إلى أن ورد عمر بن سعد أرض كربلاء وأقبلت ورائه العساكر تترى ، فعبّأ ابن سعد جيشه وجعل الحرّ على ربع تميم وهمدان أميراً عليهم ، وبقي الحرّ على هذه الحال حتّى رأى من ابن سعد قسوة القلب لأنّه لم يعط الحسين عليهالسلام شرطاً واحداً من الشروط التي طلبها منهم ، فعجب من فظاظته وغلظته فأقبل عليه وقال : يابن سعد ، أمقاتل أنت هذا الرجل ؟! قال : أي والله قتالاً أيسره أن تطير فيه الرؤوس وتطيح الأيدي. فقال : فما لكم في الشروط التي عرضها عليكم ألّا تقبلوها لينتهي الأمر بالسلم ؟ فقال ابن سعد : لو كان الأمر لي لرضيت ولكنّ أميرك أبي.
__________________
(١) شفيّه ـ الطبري. شفيّة : قال الياقوت : اسم بئر قديمة في مكّة ، وشفيه ركية معروفة في الإحساء عذبة معروفة ولم يذكر موضعاً بهذا الاسم في كربلاء. راجع : معجم البلدان ، ج ٣ ص ٢٥٢.