جزم العلّامة الجليل السيّد علي خان في الدرجات الرفيعة أنّه يستفاد من الآثار الواردة في هذا الشأن أنّ سفر عقيل إلى الشام كان بعد استشهاد أمير المؤمنين عليهالسلام ، وبناءاً على هذا يكون ذهابه إلى الشام أمراً جرت به العادة ولم يقتصر الأمر عليه ، بل كان أكثر الرجال المنتمين إلى أهل البيت بالنسب أو الولاء يذهبون إلى حاضرة معاوية في ذلك العهد المظلم بحكم الضرورة لأنّهم ذووا الحاجات ولا وسيلة لهم في الإبقاء على رمق الحياة أو الحيلولة دون هجوم معاوية عليهم إلّا بهذا ، ولا يلام أيٌّ منهم على ذلك ، بل ربّما مدحهم العقلاء على هذا التصرّف لأنّ للتقيّة حكمها ولا لوم على المضطرّ إذا سلك مسلكاً لا مناص من سلوكه ، مضافاً إلى أنّ التحاق عقيل بمعاوية ليس اعترافاً بإمامته ولم يؤثّر عن جنانه خضوع أو استكانة منه إزاء هبات معاوية ، بل بعكس ذلك كان لا ينال منه معاوية إلّا التقريع واللوم وطعنه في حسبه ونسبه وإراقة ماء وجهه بكشفه مساوئه ومطاعنه مقرونة بالإشارة إلى فضل أخيه أمير المؤمنين عليهالسلام.
أقول : كان ذهاب عقيل إلى الشام واجباً يومذاك في نظري ـ المؤلّف ـ والذي يعتقد بأنّ ذهابه كان طمعاً في المال ارتكب خطأ فاحشاً ، وكانت هذه النظرة سبباً في نقص شأن عقيل كما يتصوّر عند الناس لأنّه من رأى حقّه مغصوباً بأيدي الناس فعليه أن يستنقذه بالوسائل المُتاحة لديه ، ومعاوية اغتصب خمس بني هاشم واعتبره حقّاً من حقوقه كما فعل من كان قبله.
ولعقيل أُسرة مؤلّفة من ذكور وإناث ، ويحتاجون إلى المعاش لتمتدّ بهم الحياة ، فما المانع أن يتذرّع عقيل بوسيلةٍ مّا لإنقاذ حقّه واستخلاص معاشهم من براثن العدوّ وإن كان بالهوادة واللين كالذهاب إلى الشام مثلاً ، فمن أيّ وجه يتوجّه اللوم إليه ؟
من جهة أُخرى لو أنّ عقيلاً أخلد إلى السكوت في المدينة
وقبل صلاة معاوية