الشحيحة القليلة لاعتبر ذلك رضاً منه بولاية هذا الغاصب ، مِن ثمّ كان ذهابه إلى الشام بذلك اللسان الذي هو أمضى من شفرة الحسام وأحدّ من أنياب الضرغام بحيث طلى وجه معاوية بالغار وألبسه العار ، وساواه بالتراب النتن ، ونشر معايبه ومثالبه على ملأ من الناس ، وتوعية الناس بما عليه معاوية بدءاً وختاماً ، وأفئدة أعوانه وأصحابه بسهم ينتظمهم معه ، وكشف للناس أنّ أعوان معاوية وبطانته جميعاً أولاد زناً مضافاً إلى ما أظهره من حقّ أمير المؤمنين بالكناية أحياناً وبالتصريح أحياناً أُخرى ، عند معاوية وشيعته.
وممّا أفاد في قدومه على معاوية إبائه وشمم نفسه حيث رمى على معاوية بمأة ألف أعطاها إيّاه ممّا حمل معاوية على الاعتذار إليه وعرّفه بأنّ لعقيل مبادئ هامّة لا تُشترى بالبدر السمينة.
وإنّ سفراً يحتوي على هذه الفوائد يعتبر سفراً لازماً بل واجباً يحتمه الشرع والخلق ، والآن لننظر في جملة من الأقوال والأحداث التي جرت بين معاوية وبين عقيل :
في العقد الفريد : قال ابن عبد ربّه : قال معاوية يوماً لعقيل : يا أبا يزيد ، أجيشي خير أم جيش أخيك ؟ فقال عقيل : مررت بعسكر أخي فرأيت ليلهم كليل رسول الله صلىاللهعليهوآله ويومهم مثل يومه إلّا أنّ رسول الله ليس فيهم فما رأيت منهم إلّا قائماً مصلّياً ولم أسمع إلّا تالياً لكتاب الله ، ولمّا مررت بعسكرك استقبلني أبو الأعور السلمي ومعه جمع من المنافقين الذين نفّروا برسول الله ليلة العقبة ليغتالوه أو أنّه قال : ليلهم كليل أبي سفيان ويومهم مثل يومه إلّا أنّه ليس فيهم (١).
وذكر الشيخ الطوسي في أماليه عن أبي عبدالله الصادق عليهالسلام أنّه قال : وبلغ ذلك
__________________
(١) الحكاية مترجمة.