معاوية ـ أي قدوم عقيل عليه ـ فقال : اركبوا أفره دوابّكم والبسوا من أحسن ثيابكم فإنّ عقيلاً قد أقبل نحوكم وأبرز معاوية سريره فلمّا انتهى إليه عقيل قال : مرحباً بك يا أبا يزيد ، ما نزع بك ؟ قال : طلب الدنيا من مظانّها (إلى أهل الدنيا) (١).
أقول : بهذه الكلمة نفى استحقاق معاوية للخلافة لأنّ خليفة المسلمين لا ينبغي أن يميل إلى الدنيا ....
قال : وقّفت وأصبت ، قد أمرنا لك بمائة ألف ، فأعطاه المائة ألف ثمّ قال : أخبرني عن العسكرين اللذين مررت بهما : عسكري وعسكر عليّ ، قال : في الجماعة أخبرك أو في الواحدة ؟ قال : بل في الجماعة ، قال : مررت على عسكر عليّ فإذا ليل كليل النبيّ صلىاللهعليهوآله ونهار كنهار النبيّ صلىاللهعليهوآله إلّا أنّ رسول الله ليس فيهم ، ومررت على عسكرك فإذا أوّل من استقبلني أبو الأعور وطائفة من المنافقين والمنفّرين برسول الله صلىاللهعليهوآله إلّا أنّ أبا سفيان ليس فيهم ، فكفّ عنه حتّى إذا ذهب الناس قال له : يا أبا يزيد ، أيش صنعت بي ؟ قال : ألم أقل لك في الجماعة أو في الوحدة ، فأبيت عليَّ ، قال : أمّا الآن فاشفني من عدوّي ، قال : ذلك عند الرحيل (٢).
وقال معاوية لعقيل : يا أبا يزيد ، أنا لك خير من أخيك عليّ ، والله إنّ عليّاً غير حافظ لك ، قطع قرابتك وما وصلك ولا اصطنعك. فقال له عقيل : والله لقد أجزل العطيّة وأعظمها ، ووصل القرابة وحفظها ، وحسن ظنّه بالله إذ ساء به ظنّك ، وحفظ أمانته وأصلح رعيّته إذ خنتم وأفسدتم وجرتم ، فاكفف لا أباً لك فإنّه بمعزل عمّا تقول.
وقال له معاوية يوماً : أبا يزيد ، أنا لك خير من أخيك عليّ ، قال : صدقت ، إنّ
__________________
(١) زيادة من المؤلّف.
(٢) أمالي الشيخ الطوسي : ٧٢٤.