وعزّ الرسالة ، والله إنّي لنادم لما جرى منه غاية الألم ، وإنّي أُعاهدك على أن لا أعود لمثله حتّى أُضع في حفرتي.
فكتب إليه عقيل في جوابه :
صدقت وقلت حقّاً غير أنّي |
|
أرى أن لا أراك ولا تراني |
ولست أقول سوءاً في صديقي |
|
ولكنّي أصدّ إذا جفاني |
فعاد معاوية وكتب إليه واستعتبه وأقسم عليه أن يحسن العفو وأصرّ عليه وبالغ بالإلحاح حتّى عاد إليه ، فقال له معاوية : لماذا جفوتنا يا أبا يزيد ؟ فأجابه بهذا البيت :
وإنّي امرئ منّي التكرّم شيمة |
|
إذا صاحبي يوماً على الهون أضمرا |
يابن أبي سفيان ، إنّ الدنيا وإن مهّدت لك المهاد ومدّت عليك سجفها ، نسجت لك غزلها ، فهي لا تعدل عندي شيئاً يزيد رغبتي بك أو فرقي منك لكي أذلّ لك.
فقال معاوية : يا أبا يزيد ، لقد وصفت الدنيا وصفاً ارتعدت له فرائصي ، ثمّ قال له : يا أبا يزيد ، إنّك اليوم علينا لعزيز ولدنيا لحبيب ، وأنا لم أضمر لك الشرّ في دخائلي .. وإلى هنا ختم السيّد عبدالرزّاق المقرّم هذه النقول أخذاً من الدرجات الرفيعة والعقد الفريد وربيع الأبرار وأوردها في كتابه العبّاس ، وأنا روّبت مضمون النقل (١) وظهر من هذا كلّه عظم مقام عقيل.
روى الشيخ الطوسي في الأمالي وأوصل السند إلى الإمام الصادق عليهالسلام أنّه قال : جاء عقيل إليكم بالكوفة وكان عليّ عليهالسلام جالساً في صحن المسجد وعليه قميص
__________________
(١) وحملت المترجم الضرورة على ترجمة هذه المضمون ، وعلى القارئ أن يرجع إلى المصدر إن وسعه ذلك ولا يعتدّ بالترجمة.