قال : أما والله لقد كان أبوه جيّد الأخذ لعسب التيوس (١) ، فمن الآخر ؟ قال : أبو موسى الأشعري ، قال : هذا ابن السراقة.
فلمّا رأى معاوية أنّه قد أغضب جلسائه علم أنّه إن استخبره عن نفسه قال فيه سوءاً فأحبّ أن يسأله ليقول فيه ما يعلمه من السوء فيذهب بذلك غضب جلسائه ، فقال : يا أبا يزيد ، فما تقول فيّ ؟ قال : دعني من هذا. قال : لتقولنّ ، قال : أتعرف حمامة ؟ قال : ومن حمامة يا أبا يزيد ؟ قال : قد أخبرتك ، ثمّ قام فمضى فأرسل معاوية إلى النسّابة فدعاه فقال : من حمامة ؟ قال : ولي الأمان ؟ قال : نعم ، قال : حمامة جدّتك أُمّ أبي سفيان كانت بغيّاً في الجاهليّة صاحبة راية ، فقال معاوية لجلسائه : قد ساويتكم عليكم فلا تغضبوا (٢).
ويقول أيضاً : وقال معاوية لعقيل : إنّ فيكم يا بني هاشم ليناً ، قال : أجل إنّ فينا ليناً من غير ضعف وعزّاً من غير عنف ، وإنّ لينكم يا معاوية غدر وسلمكم كفر ، فقال معاوية : ولا كلّ هذا يا أبا يزيد.
وقال الوليد بن عقبة لعقيل في مجلس معاوية : غلبك أخوك يا أبا يزيد على الثروة ؟ قال : نعم ، وسبقني وإيّاك إلى الجنّة. قال : أما والله إن شدقيه لمضمومان من دم عثمان. فقال : وما أنت وقريش ! والله ما أنت فينا إلّا كنطيح التيس. فغضب الوليد وقال : والله لو أنّ أهل الأرض اشتركوا في قتله لأرهقوا صعوداً ، وإنّ أخاك لأشدّ هذه الأُمّة عذاباً ، فقال : صه ! والله إنّا لنرغب بعبد من عبيده عن صحبة أبيك عقبة بن أبي معيط.
__________________
(١) وفسّروا هذه العبارة على أنّه كان ينزل الذكر على الأُنثى في الجاهليّة بأجر يأخذه ولكنّي أرى غير ذلك ، أي إنّ عقيل يرميه بالأُبنة وأنّ قوته من هذا السبيل لأنّه يأخذ أجراً على ذلك ... المؤلّف ، وكان المؤلّف قد وضع هذه الفقرة ضمن المتن فأخرجتها إلى الحاشية. (المترجم)
(٢) شرح نهج البلاغة ، ج ٢ ص ١٢٤.