.................................................................................................
______________________________________________________
فالإنصاف : أنّ الرواية صحيحة السند ظاهرة المتن من غير تشويش ولا يرد عليها شيء ممّا ذكر ، ولكنّها مع ذلك لا تصلح للمقام إلّا تأييداً ، ولا يمكن الاستدلال بها ، فان موردها صلاة الليل الظاهرة في نافلته ، وهي لمكان الاستحباب قد يغتفر فيها ما لا يغتفر في الفرائض ، لابتنائها على الإرفاق والتسهيل ، وربّما لا يعتبر فيها ما يعتبر في الفرائض كما يشهد به بعض المقامات ولعل المقام منها ، فلا يمكن التعدِّي عن موردها كما أشار إليه في الجواهر (١).
وكيف ما كان ، ففيما ذكرناه من التمسّك بالقاعدة التي مقتضاها وجوب الرفع مقدّمة لتحقيق السجود المأمور به غنى وكفاية ، ولا حاجة إلى هذه الرواية ، وقد عرفت أنّ غاية ما هناك زيادة سجدة واحدة وأنّها حاصلة بمجرد الوضع السابق ، ولم تكن مترتِّبة على الرفع والوضع ثانياً ، وحيث إنّها سهوية لم تكن قادحة. فما ذكره في المتن من المنع عن الرفع معلِّلاً باستلزامه زيادة السجدة ولا يلزم من الجر ذلك في غير محلّه.
كما أنّ قياسه المقام على ما لو سجد على ما يصح فأراد الجر طلباً للأفضل أو الأسهل الجائز بلا إشكال مع الفارق ، بداهة حصول السجود المأمور به في المقيس عليه من غير خلل فيه ، فالتصدِّي للجر طلباً للأفضل ممّا لا ضير فيه وقد دلّت عليه أيضاً رواية صحيحة ، وأمّا في المقام فغير حاصل ، لما عرفت من لزوم إحداث الوضع على ما يصح مباشرة ولم يتحقّق على الفرض ، والجر غير نافع في تحقيقه فإنّه إبقاء للوضع السابق وليس إحداثاً لوضع جديد ، وإلّا فلو بني على كفاية الجر في تحقيق السجود المأمور به كان اللّازم الاكتفاء به حتّى في صورة العمد والاختيار ، فله أن يضع جبهته على ما لا يصح عالماً عامداً ثمّ يجره إلى ما يصح السجود عليه ، ولا يظن أن يلتزم به الفقيه.
فيكشف هذا كشفاً قطعياً عن عدم تحقّق السجود المأمور به من أجل فقده
__________________
(١) الجواهر ١٠ : ١٦٢.