.................................................................................................
______________________________________________________
وفيه : منع ظاهر ، فإنّه وجه استحساني ومجرد اعتبار لا يصلح لأن يكون مدركاً لحكم شرعي ، والتفرقة في الإيماء قد دلّ عليها النص المختص بمورده فلا وجه للتعدِّي منه إلى المقام ، فلم ينهض دليل شرعي على وجوب إحداث الفارق في محل الكلام ، هذا.
وقد استدلّ له المحقِّق الهمداني (قدس سره) (١) بأنّ الركوع وإن كان متقوّماً بالانحناء عن القيام إلّا أنّ قيام كل شخص بحسبه ، ففي القادر قيامه الاعتدال وفي من كان على هيئة الراكع الاستقامة على ما هو عليه بحسب حاله ، فانّ هذا هو قيامه بحسب العرف ، فبطبيعة الحال يكون ركوعه هو الانحناء عن هذه الحالة بأن يزيد انحناؤه عمّا هو عليه ممّا يعد قياماً له ، فانّ ذلك هو ركوعه في نظر العرف كما يشهد به جريان عادتهم في الركوع أمام الجبابرة والملوك سيّما سيرة أهل الفرس بالنسبة إلى أُمرائهم ، فان ركوع القادر هو الانحناء عن الانتصاب ، ومن كان منحني الظهر ركوعه الازدياد في انحنائه ولو يسيراً كل منهم على حسب حاله.
وفيه أوّلاً : منع صدق الركوع عليه عرفاً ، وإنّما هو انتقال من مرتبة من الانحناء إلى أُخرى ، كيف وقد عرفت أنّه متقوّم لغة وعرفاً بالانحناء عن القيام ومن احدودب ظهره عاجز عن القيام وليس هو إلّا على هيئة الراكع ، فصدق الركوع في حقّه ممنوع جدّاً ، وأمّا تعظيم مثله أمام الجبابرة والملوك بزيادة الانحناء فإنّما هو تواضع وخضوع ، ولا يعد من الركوع في شيء كما لا يخفى.
وثانياً : سلّمنا صدق الركوع عليه عرفاً إلّا أنّه لا دليل على وجوب الانحناء الزائد في المقام ، فانّ المستفاد من الأدلّة الواردة في تحديد الركوع الشرعي وجوب الانحناء عن القيام حدّا يتمكن معه من إيصال أطراف
__________________
(١) مصباح الفقيه (الصلاة) : ٣٢٨ السطر ٩.