قديماً ، باقياً لا يجوز خروجه عن هذه الصفات إلى ضدّها ، يعلم الكائنات قبل كونها ، ولا يخفى عليه شيء منها.
وانّ له صفات أفعال ، لا يصح اضافتها إليه في الحقيقة ، إلا بعد فعله ، وهي ما وصف به نفسه من انّه خالق ، ورازق ، ومعط ، وراحم ، ومالك ، ومتكلّم ، ونحو ذلك. وانّ له صفات مجازات وهي ما وصف به نفسه ، من أنّه يريد ، ويكره ، ويرضى ، ويغضب. فارادته لفعل هي الفعل المراد بعينه ، وارادته لفعل غيره هي الأمر بذلك الفعل ، وليس تسميتها بالارادة حقيقة ، وانّما هو على مجاز اللغة ، وغضبه هو وجود عقابه ، ورضاه هو وجود ثوابه ، وانّه لا يفتقر إلى مكان ، ولا يدرك بشيء من الحواس.
وانّه منزّه من القبائح ، لا يظلم الناس وإن كان قادراً على الظلم ، لأنّه عالم بقبحه ، غني عن فعله ، قوله صدق ، ووعده حق ، لا يكلّف خلقه على ما لا يستطاع ، ولا يحرمهم صلاحاً لهم فيه الانفاع ، ولا يأمر بما لا يريد ، ولا ينهي عمّا يريد. وانّه خلق الخلق لمصلحتهم ، وكلّفهم لأجل منازل منفعتهم ، وأزاح في التكليف عللهم ، وفعل أصلح الأشياء بهم. وانّه أقدرهم قبل التكليف ، وأوجد لهم العقل والتمييز.
وانّ القدرة تصلح أن يفعل بها وضده بدلاً منه. وانّ الحق الذي يجب معرفته ، يدرك بشيئين ، وهما العقل والسمع ، وانّ التكليف العقلي لا ينفك عن التكليف السمعي. وانّ اللّه تعالى قد أوجد ( للناس ) في كل زمان مسمعاً ( لهم ) من أنبيائه ، وحججه بينه وبين الخلق ، ينبّههم على طريق الاستدلال في العقليات ويفقّههم على ما لا يعلمونه إلا به من السمعيات. وانّ جميع حجج اللّه تعالى محيطون