الغاية من التقية : هي صيانة النفس والعرض والمال ، وذلك في ظروف قاهرة لا يستطيع فيها المؤمن أن يعلن عن موقفه الحق صريحاً خوفاً من أن يترتّب على ذلك مضار وتهلكة من قوى ظالمة غاشمة كلجوء الحكومات الظالمة إلى الارهاب ، والتشريد والنفي ، والقتل والتنكيل ، ومصادرة الأموال ، وسلب الحقوق الحقة ، فلا يكون لصاحب العقيدة الذي يرى نفسه محقاً محيص عن إبطانها ، والتظاهر بما يوافق هوى الحاكم وتوجهاته حتّى يسلم من الاضطهاد والتنكيل والقتل ، إلى أن يُحدِث اللّه أمراً.
إنّ التقية سلاح الضعيف في مقابل القوي الغاشم ، سلاح من يبتلى بمن لا يحترم دمه وعرضه وماله ، لا لشيء إلاّ لأنّه لا يتفق معه في بعض المبادئ والأفكار.
إنّما يمارس التقية من يعيش في بيئة صودرت فيها الحرية في القول والعمل ، والرأي والعقيدة فلا ينجو المخالف إلاّ بالصمت والسكوت مرغماً أو بالتظاهر بما يوافق هوى السلطة وأفكارها ، أو قد يلجأ إليها البعض كوسيلة لابد منها من أجل اغاثة الملهوف المضطهد والمستضعف الذي لا حول له ولا قوة ، فيتظاهر بالعمل إلى جانب الحكومة الظالمة وصولا إلى ذلك كما كان عليه مؤمن آل فرعون الذي حكاه سبحانه في الذكر الحكيم.
إنّ أكثر من يَعيبُ التقية على مستعملها ، يتصور أو يصوِّر أن الغاية منها هو تشكيل جماعات سرية هدفها الهدم والتخريب ، كما هو المعروف من الباطنيين والأحزاب الإلحادية السرية ، وهو تصور خاطئ ذهب إليه أُولئك جهلا أو عمداً دون أن يركّزوا في رأيهم هذا على دليل ما أو حجة مقنعة ، فأين ما ذكرناه من هذا الذي يذكره ، ولو لم تُلجئ الظروف القاهرة والأحكام المتعسفة هذا الجموع المستضعفة من