الخليفة الثاني متنبّئاً به ، فقال له : لئن وليتها ( الخلافة ) لتحملن بني أبي معيط على رقاب الناس فحمل بني أبيه على رقابهم ، يخضمون مال اللّه خضم الابل نبتة الربيع ، فأدّى ذلك وغيره إلى قتله في عقر داره.
كان الامام قرابة ربع قرن جليس بيته ، يشتغل ببعض الاُمور لما فيه صلاح الاسلام والمسلمين ، إلى أن قُتِل عثمان وانثال الناس على الامام من كل جانب هاتفين : لا يصلح للخلافة إلا علي. فقال لهم : « دعوني والتمسوا غيري ».
روى الطبري نقلاً عن محمّد بن الحنفية : كنت مع أبي ، حين قتل عثمان فدخل منزله ، فأتاه أصحاب رسول اللّه ، فقالوا : إنّ هذا الرجل قد قتل ، ولابدّ للناس من إمام ، ولا نجد اليوم أحداً أحقّ بهذا الأمر منك ، ولا أقدم سابقة ، ولا أقرب من رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : « لا تفعلوا فانّي أكون وزيراً خير من أن أكون أميرا » فقالوا : « واللّه ما نحن فاعلين حتى نبايعك » فقال : « ففي المسجد ، فإنّ بيعتي لا تكون خفياً ، ولا تكون إلا عن رضا المسلمين » ، قال سالم بن أبي الجعد : فقال عبد اللّه بن عباس : فلقد كرهت أن يأتي المسجد مخافة أن يشغب عليه ، وأبى هو إلا المسجد. فلمّا دخل ، دخل المهاجرون والأنصار ، فبايعوه ، ثم بايعه الناس (١).
وفي رواية اُخرى : غشى الناس عليّاً ، فقالوا : نبايعك ، فقد ترى ما نزل بالاسلام وما ابتلينا به من ذوي القربى ، فقال علي : « دعوني والتمسوا غيري ، فإنّا مستقبلون أمراً له وجوه ، وله ألوان ، لا تقوم له القلوب ، ولا تثبت عليه العقول » فقالوا : ننشدك اللّه ، ألا ترى ما نرى ، ألا ترى الاسلام ، ألا ترى الفتنة ، ألا تخاف اللّه ،
__________________
١ ـ تاريخ الطبري ٣ / ٤٥٠.