إنّ الذي نقله أئمة الشيعة هو ما تعرّفت عليه من الروايات فليس فيها ما يدعم ذلك ، فقد نقلوا قصة رسول اللّه مع اليهودي وقصة المسيح مع العروس ، كما نقلوا قصة عمر داود وعمر الملك ، فهل ورد فيها ما أشار إليه الرازي؟
وأمّا ما رواه عمرو بن الحمق فإنّما هو خبر واحد فإنّ الامام ذيّل كلامه بالآية قائلاً : بأنّ هذا ليس خبراً قطعياً وأنّه في مظان المحو والاثبات. أفيصح لأجل مثله رمي أئمّة الشيعة « بأنّهم وضعوا قاعدتين وأنّهم كلّما يقولون سيكون لهم قوّة ثم لا يكون ، قالوا بدا للّه تعالى فيه »؟.
وقد سبق الرازي في هذا الزعم ، أبو القاسم البلخي المعتزلي على ما حكاه شيخنا الطوسي في تبيانه (١) ثمّ إنّ اكمال البحث يتوقّف على ذكر اُمور :
إنّ البداء بالمعنى المذكور يجب أن يكون على وجه لا يستلزم تكذيب الأنبياء ووحيهم بان تدل قرائن على صحة الإخبار الأوّل كما صحّ الخبر الثاني ، كما هو واضح قرأ قصة يونس وإبراهيم الخليل فإنّ القوم قد شاهدوا طلائع العذاب فأذعنوا بصحة خبر يونس كما أنّ التفدية بذبح عظيم دلّت على صحة اخبار الخليل ، وهكذا وجود الأفعى تحت الثياب أو في جوف حطب اليهودي يدلاّن على صحة اخبار النبي الأعظم.
كل ذلك يشهد على أنّ الخبر الأوّل كان صحيحاً ومقدّراً ، غير أنّ الإنسان يمكن له أن يغيّر مصيره بعلمه الصالح أو الطالح كما في غير تلك المقامات.
__________________
١. الطوسي : التبيان ١ / ١٣ ـ ١٤ ، طبع النجف ، وقد عرفت بعض المتشدقين بهذه الكلمة الكاذبة.