ملائكم وذووا الحجى والفضل منكم على مثل ما قدمت عليّ به رسلكم وقرأته في كتبكم أقدم عليكم وشيكاً إن شاء اللّه فلعمري ما الامام إلاّ الحاكم بالكتاب ، القائم بالقسط ، الداين بدين الحق ، الحابس نفسه على ذات اللّه (١).
خرج الامام من مكة متوجّها إلى الكوفة يوم التروية أو يوماً قبله فقطع المنازل حتّى نزل بمقربة من الكوفة وعند ذاك استقبله الحر بن يزيد الرياحي بألف فارس مبعوثاً من الوالي عبيداللّه بن زياد لاستقدامه مقبوضاً إلى الكوفة ، فعند ذلك قام الامام وخطب أصحابه وأصحاب الحر بقوله : أيّها الناس! إنّ رسول اللّه قال : من راى سلطاناً جائراً مستحلاّ حرم اللّه ناكثاً لعهد اللّه ، مخالفاً لسنّة رسول الله يعمل في عباده بالإثم والعدوان ، فلم يغيّر عليه بفعل ولا قول كان حقاً على اللّه أن يدخله مدخله ، ألا وانّ هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان وتركوا طاعة الرحمن وأظهروا الفساد ، وعطّلوا الحدود ، واستأثروا بالفيئ ، وأحلّوا حرام اللّه وحرّموا حلاله ، وأنا أحق من غيري (٢).
إنّ الدافع الظاهري لهجرته إلى العراق ، وإن كانت رسائل أهل الكوفة ورسلهم حتّى أنّ الامام احتجّ بها عندما واجه الحر بن يزيد الرياحي وعمر بن سعد عندما سألاه عن سر مجيئه إلى العراق فقال : ما أتتني إلاّ رسل القوم ورسائلهم (٣) ولكن هذا الدافع كان أمراً ظاهرياً وكان وراء ذلك سرّ آخر لهجرته
__________________
١ ـ الارشاد ٢٠٤.
٢ ـ الطبري : التاريخ ج ٤ ، حوادث سنة ٦١ ، ٣٠٤ ، وأمّا ما جرى على الامام وأهل بيته حتّى نزل أرض كربلا فراجع المقاتل.
٣ ـ الارشاد ٢٢٤ ـ ٢٢٥.