وعلى ضوء هذا البيان نتمكن من فهم ما جاء في فضيلة البداء وأهميته في الروايات مثل ما روى زرارة عن أحدهما ( الباقر أو الصادق عليهماالسلام ) : « ما عبداللّه عزّوجلّ بشيء مثل البداء » (١).
وما عن هشام بن سالم عن أبي عبداللّه : « ما عظّم اللّه عزّوجلّ بمثل البداء » (٢).
إذ لولا الاقرار بالبداء بهذا المعنى ما عرف اللّه حق المعرفة ، ويتجلّى سبحانه في نظر العبد ( بناء على عقيدة بطلان البداء ) أنّه مكتوف الأيدي ، لا يقدر على تغيير ما قدره ، ولا محو ما أثبته.
ومن الروايات في هذا المعنى ما روي عن الصادق أنّه قال :
« لو يعلم الناس ما في القول بالبداء من الأجر ما فتروا من الكلام فيه » (٣).
وذلك لأنّ الاعتقاد بالبداء مثل الاعتقاد بتأثير التوبة والشفاعة يوجب رجوع العبد عن التمادي في الغي والضلالة ، والانابة إلى الصلاح والهداية.
إذا عرفت ما ذكرنا فاعلم أنّ المراد من البداء في مقام الاثبات هو ، وقوع التغير في بعض مظاهر علمه سبحانه فإنّ لعلمه سبحانه مظاهر ، منها : ما لا يقبل التغيير ومنها ما يقبل ذلك.
أمّا الأوّل : فهو المعبّر عنه بـ « اللوح المحفوظ » تارة وبـ « اُمّ الكتاب » اُخرى قال سبحانه : ( بَلْ هُوَ قُرآنٌ مَجِيدٌ * فِى لَوْحٍ مَحْفُوظٍ ) (٤) وقوله تعالى :
__________________
١ ـ البحار ٤ / ١٠٧ باب البداء ، الحديث ١٩ ـ ٢٠.
٢ ـ التوحيد للصدوق باب البداء ، الحديث ٢.
٣ ـ الكافي ١ / ١١٥ ، والتوحيد للصدوق ، باب البداء ، الحديث ٧.
٤ ـ البروج ٢١ ـ ٢٢.