للنبي من الظل لذي الظل ، ولكن المتنفّذين لم يكونوا متعبّدين بالنصوص فضلاًً عن تعبّدهم بالاشارات والرموز ، وربّما كانوا يقابلون النبي بكلمات عنيفة يقابل بها من هو أقل منه شأناً.
وياليت انّهم اكتفوا في مجال المخالفة للنصوص أثناء حياته ، ولكنّهم خالفوها بعد وفاته أكثر ممّا خالفوها أيّام حياته ، يقف على ذلك من سبر التاريخ وسيرة الخلفاء في غير واحد من المجالات.
ولقد حاول الشهرستاني في ملله ونحله (١) ، والسيد الشريف في شرح المواقف (٢) تحديد بدء الخلاف بين المسلمين بأيّام مرض النبي عندما كان طريح فراشه. ولكن ذلك التحديد من حسن ظنّهما بالصحابة وأنّهم كلّهم عدول ، غير أنّك عرفت أنّ تاريخ الخلاف يرجع إلى بدايات الهجرة ، وقد اكتفينا بموارد خمسة وضربنا الصفح عن ذكر موارد اُخرى.
هذا كلّه يرجع إلى مخالفتهم الرسول فيما يأمر وينهى أيّام حياته ، وأمّا مخالفتهم لنصوص الرسول بعد رحلته فحدّث عنها ولا حرج.
أخرج الإمام مالك في موطئه : انّ المؤذّن جاء إلى عمر بن الخطاب يؤذنه بصلاة الصبح ، فوجده نائماً فقال : الصلاة خير من النوم. فأمره عمر أن يجعلها في نداء الصبح.
وقال الزرقاني في تعليقته على هذه الكلمة من شرحه للموطأ ما هذا لفظه : هذا
____________
١ ـ الملل وألنحل ١ / ٢٩ ، ولاحظ التبصير في الدين للاسفرائيني ١٩.
٢ ـ شرح المواقف ٨ / ٣٧٢.