فمنعت من ذلك اشفاقاً وحيطة على الإسلام ، فعلم رسول اللّه انّي علمت ما في نفسه فأمسك (١).
والعجب أنّ أحمد أمين مع ما يكن على الشيعة من عداء وقسوه يعترف بما ذكرنا بصراحة.
أراد رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم في مرضه الذي مات فيه أن يعيّن من يلي الأمر بعده ففي الصححين : البخاري ومسلم أنّ رسول اللّه لمّا اصفرّ قال : هلمّوا أكتب لكم كتاباً لا تضلّوا بعده ، وكان في البيت رجال منهم عمر بن الخطاب فقال عمر : إنّ رسول اللّه قد غلب عليه الوجع (٢) وعندكم القرآن. حسبنا كتاب اللّه فاختلف القوم واختصموا فمنهم من قال : قرّبوا إليه يكتب لكم كتاباً لن تضلّوا بعده ومنهم من قال القول ما قاله عمر فلمّا أكثروا اللغو (٣) والاختلاف عنده صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : قوموا فقاموا. وترك الأمر خصوصاً لمن جعل المسلمين طوال عصرهم يختلفون على الخلافة حتّى عصرنا هذا بين السعوديين والهاشميين (٤).
هذه نماذج من مخالفة القوم لصريح النصوص الصادرة عن النبي الأكرم ، وكل ذلك يعرب عن فقدانهم روح التسليم للنبي ولأحكامه ، فلم يكونوا ملتزمين بما لا يوافق أهواءهم وأغراضهم من النصوص ، نعم ، ربّما يوجد بينهم من كان أطوع
__________________
١ ـ شرح نهج البلاغة ٣ / ١٧ ، وكأنَّ الرجل كان أشفق على الإسلام من رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم.
٢ ـ وفي موضع آخر في صحيح البخاري : أنّه قال « إنّ الرجل ليهجر ».
٣ ـ والصحيح : اللغط.
٤ ـ أحمد أمين يوم الإسلام : ٤١.