هذا الأصل ـ الذي يعدّ من المعارف العليا تجاه ما عرف من اليهود ، من سيادة القدر على كل شيء حتّى إرادته سبحانه ـ يستفاد بوضوح من قوله سبحانه ( يَمحوا اللّه ما يشاءُ ويُثبت وعِنده اُمُّ الكِتاب ) (١) وهذه الآية هي الأصل في البداء في مقام الثبوت ويكفي في إيضاح دلالتها ، نقل كلمات المحققين من المفسرين ، حتّى يقف القارئ على أنّ القول بالبداء بالمعنى الصحيح ، مما أصفقت عليه الأُمّة.
١ ـ روى الطبري ( ٣١٠ هـ ) في تفسير الآية عن لفيف من الصحابة والتابعين أنّهم كانوا يدعون اللّه سبحانه بتغيير المصير واخراجهم من الشقاء ـ إن كتب عليهم ـ إلى السعادة مثلا ، كان عمر بن الخطاب ( رضي اللّه عنه ) يقول وهو يطوف بالكعبة : اللّهمّ إن كنت كتبتني في أهل السعادة فأثبتني فيها ، وإن كنت كتبتني على الذنب [ الشقاوة ] فامحني وأثبتني في أهل السعادة فإنّك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك اُمّ الكتاب.
وروى نظير هذا الكلام عن ابن مسعود ، وابن عباس وشقيق وأبي وائل (٢).
وروى عن ابن زيد أنّه قال في قوله سبحانه : ( يمحوا اللّه ما يشاء ) بما يُنزِّلُ على الأنبياء ، ويُثبت ما يشاء مما ينزل على الأنبياء قال : وعنده اُمّ الكتاب لا يُغيّر ولا يُبدِّل (٣).
٢ ـ قال الزمخشري ( ٥٢٨ هـ ) : ( يمحوا اللّه ما يشاء ) ينسخ ما يستصوب نسخه ويثبت بدله ما يرى المصلحة في إثباته أو ينزله غير منسوخ (٤).
__________________
١ ـ الرعد / ٣٩.
٢و٣ ـ الطبري : التفسير ( جامع البيان ) الجزء ١٣ / ١١٢ ـ ١١٤.
٤ ـ الزمخشري : الكشاف : ٢ / ١٦٩.