ما أنْبتت ، كانت هي السنّة بين الصحابة وانّ العدول عنها حدث في الأزمنة المتأخّرة ، ولأجل توضيح المقام نقدم اُموراً :
اتّفق المسلمون على وجوب السجود في الصلاة في كل ركعة مرّتين ، ولم يختلفوا في المسجود له فإنّه هو اللّه سبحانه الذي له يسجد من في السموات والأرض طوعاً وكرها (١) وشعار كل مسلم قوله سبحانه : ( لا تَسجُدُوا لِلشَّمسِ ولا للقَمَرِ واسْجُدُوا لِلّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ ) (٢) وانّما اختلفوا في شروط المسجود عليه ـ أعني ما يضع الساجد جبهته عليه ـ فالشيعة الامامية على انّه يشترط أن يكون المسجود عليه أرضاً أو ما ينبت منها غير مأكول ولا ملبوس كالحصر والبواري ، وما أشبه ذلك. وخالفهم في ذلك غيرهم من المذاهب وإليك نقل الآراء.
قال الشيخ الطوسي (٣) وهو يبيّن آراء الفقهاء : لا يجوز السجود إلاّ على الأرض أو ما أنبتته الأرض ممّا لا يؤكل ولا يلبس من قطن أو كتان مع الاختيار. وخالف جميع الفقهاء في ذلك وأجازوا السجود على القطن والكتان والشعر والصوف وغير ذلك ـ إلى أن قال ـ : لا يجوز السجود على شيء هو حامل له ككور العمامة ، وطرف الرداء ، وكم القميص ، وبه قال الشافعي ، وروي ذلك عن علي ـ عليه الصلاة والسلام ـ وابن عمرو عبادة بن الصامت ، ومالك ، وأحمد بن حنبل.
__________________
١ ـ إشارة إلى قوله سبحانه : ( ولِلّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِى السَّمواتِ والأرضِ طَوْعاً وكَرْهاً وظلالُهُم بِالغُدُوِّ وَالآصالِ ) ـ الرعد / ١٥ ـ.
٢ ـ فصّلت / ٣٧.
٣ ـ من أعلام الشيعة في القرن الخامس صاحب التصانيف والمؤلّفات ولد ٣٨٥ توفّي عام ٤٦٠ من تلاميذ الشيخ المفيد ٣٣٦ ـ ٤١٣ ، والسيد الشريف المرتضى ٣٥٥ ـ ٤٣٦ ـ ـ رضي اللّه عنهم ـ.