قم. وقال لهم : اُنظروا ما في هذا الكتاب. وانظروا فيه شيء يخالفكم (١).
فهذه الرواية وغيرها تعرب عن وجود نشاط فكري وفقهي في ذينك البلدين في القرن الثالث والرابع ، وكفى في فضلها أنّ كتاب « الكافي » وكتاب « من لا يحضره الفقيه » وكتب محمّد بن أحمد بن خالد البرقي ت ٢٧٤ من ثمار هذه المدرسة العظيمة.
كانت مدرسة الكوفة تزدهر بمختلف النشاطات العلمية عندما كانت بغداد عاصمة الخلافة. ولمّا دبّ الضعف في السلطة العباسية وصارت السلطة بيد البويهيين تنفّس علماء الشيعة في أكثر مناطق العراق فاُسّست مدرسة رابعة للشيعة في العاصمة أنجبت شخصيات مرموقة تفتخر بها الإنسانية ومن نتائجها ظهور أعلام نظير :
١ ـ الشيخ المفيد ( ٣٣٦ ـ ٤١٣ ) تلك الشخصية الفذّة الذي اعترف الموافق والمخالف بعلمه ، ترجم له اليافعي في مرآة الجنان بقوله : عالم الشيعة وإمام الرافضة ، صاحب التصانيف الكثيرة ، المعروف بالمفيد ، وبابن المعلم أيضاً ، البارع في الكلام والجدل والفقه ، وكان ينازع كل عقيدة بالجلالة والعظمة ومقدّماً في الدولة البويهية وكان كثير الصدقات ، عظيم الخشوع ، كثير الصلاة ، والصوم ، خشن اللباس وكان عضد الدولة ربّما زار الشيخ المفيد وكان شيخاً ربعة ، نحيفاً أسمر ، عاش ستّاً وسبعين سنة وله أكثر من ٢٠٠ مصنّف وكان يوم وفاته مشهور وشيّعه ٨٠ ألفاً من الرافضة والشيعة وأراح اللّه منه (٢).
__________________
١ ـ الطهراني : الذريعة ٣ / ٢١٠ برقم ٧٧٥.
٢ ـ مرآة الجنان ٣ / ٢٨ حوادث عام ٤١٣.