لا نريد من الشعر في المقام ، الألفاظ المسبوكة ، والكلمات المنضَّدة على أحد الأوزان الشعرية. وانّما نريد منه ما يحتوي على المضامين العالية ، في الحياة ويبث روح الجهاد في الإنسان أو الذي يشتمل على حجاج في الدين أو تبليغ للحق. وعلى مثل هذا الشعر بنيت الحضارة الإنسانية وهو مقياس ثقافة الاُمّة ورقيّها وله خلود عبر القرون لا تطمسه الدهور والأيّام.
فلو نرى في الذكر الحكيم ، تنديداً بالشعراء لقوله عزّوجلّ : ( والشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الغاوون ) (١) فانّما يريد بها الشعراء المأجورين الذين يتغافرون بالأباطيل فيجعلون من الشعر تجارة ، ويصنعون من الظالم مظلوماً ، ومن المظلوم ظالماً ولأجل ذلك قال سبحانه : ( ألَمْ تَرَ أنَّهُمْ فِى كُلِّ وادٍ يَهيمُونَ * وأنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ ) (٢).
فإذا كان المراد من الشعراء هذه الطائفة المثلى ، الذين لا يقصدون بشعرهم وأدبهم وطرائفهم إلاّ ترويج الحق ودعمه ونشره في الملاء ، فنرى في الشيعة طبقة راقية منهم في القرون الاُولى وكان أئمة أهل البيت يقدّرون جهودهم ويرحبّون بهم بكل حفاوة كما نطق به التاريخ في حقّ الفرزدق وميميته وهاشميات الكميت ، وعينية الحميري وتائية دعبل ، لقد حظوا جميعاً بتقدير واحترام الأئمة وصار عملهم في هذا المجال اسوة الشيعة.
وإليك أسماء قليل من شعراء الشيعة مع ذكر ابيات من شعرهم الخالد.
__________________
١ ـ الشعراء / ٢٢٤.
٢ ـ الشعراء / ٢٢٥ ـ ٢٢٦.