اليوم ـ واُرصدت للانفاق على تلك المؤسّسات وعلى أساتذتها ، وطلاّبها وموظّفيها أملاك بلغ إيرادها السنوي ٤٣ مليون درهم ، ودعي الأساتذة من آسيا والأندلس لالقاء المحاضرات في دار الحكمة ، فازدادت بهم روعة وبهاء (١).
وقد ألّف غير واحد من المؤرّخين كتباً ورسائل حول الأزهر الشريف ومن أراد التفصيل فليرجع إليه.
كانت الشيعة تعيش تحت الضغط والارهاب السياسي من قبل الأمويين والعباسيين ، ولمّا دبّ الضعف في جهاز الخلافة العباسي وظهرت دول شيعية في العراق خصوصاً دولة الحمدانيين في الموصل وحلب ، استطاعت الشيعة أن تجاهر بنشاطها الثقافي ، وفي ظل هذه الحرية أسّست مدارس شيعية في جبل عامل ، وحلب فقد خرج من مدرسة حلب شخصيات كبيرة كأبناء زهرة وغيرهم.
الذين احتفل تاريخ حلب الشهباء بذكرهم ، وأمّا مدرسة جبل عامل فقد كانت تتراوح بين القوة والضعف ، إلى أن رجع الشهيد الأوّل من العراق إلى مسقط رأسه « جزين » ، فأخذت تلك المدرسة في نفسها نشاطاً ، واسعاً ، وقد خرج من تلك المدرسة منذ تلك العهود إلى يومنا هذا مئات من الفقهاء والعلماء لا يحصيها إلاّ اللّه سبحانه ، ومن أكبر الشخصيات المنتجبة في هذه المدرسة المحقق الشيخ علي الكركي ( ت ٩٤٠ ) مؤلّف « جامع المقاصد » وبعده الشيخ زين الدين المعروف بالشهيد الثاني ( ٩١١ ـ ٩٦٦ ) الذي كان منذ صباه تظهر منه ملامح النبوغ والذكاء ، وله الأثر الخالد الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية ».
__________________
١ ـ السيد مير علي : مختصر تاريخ العرب ٥١٠ ط ١٩٣٨.