وبالجملة يجب أن يكون وقوع البداء مقروناً بما يدل على صحة اخبار النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ولا يكون البداء على وجه يعد دليلا على كذبه ، ففي هذه الموارد دلّت القرائن على أنّ المخبر كان صادقاً في خبره.
إنّ البداء لا يتحقّق فيما يتعلّق بنظام النبوّة والولاية والخاتمية والملاحم الغيبية التي تعدّ شعاراً للشريعة فإذا أخبر المسيح بمجيئ نبي اسمه أحمد أو أخبر النبي بكونه خاتماً للرسل أو أنّ الخلافة بعده لوصيّه أو أنّه يخرج من ولده من يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ونظير ذلك ، فلا يتحقّق فيه البداء قطعاً ، لأنّ احتمال البداء فيه ناقض للحكمة ، وموجب لضلال العباد ، ولو كان احتمال هذا الباب مفتوحاً في تلك المسائل الاُصولية ، لما وجب لأحد أن يقتفي النبي المبشر به ، ولا يوالي الوصي المنصوص ولا يتلقى دين الإسلام خاتماً ولا ظهور المهدي أمراً مقضيّاً بحجة أنّه يمكن أن يقع فيها البداء ، ففتح هذا الباب في المعارف والعقائد والاُصول والسنن الإسلامية مخالف للحكمة وموجب لضلالة الناس. وهذا ما يستحيل على اللّه سبحانه وانّما مصبّ البداء هو القضايا الجزئية أو الشخصيّة ، كما هو الحال في الأخبار الماضية.
إنّ اطلاق البداء في هذه الموارد ، إنّما هو بالمعنى الذي عرفت ، وانّ حقيقته بداء من اللّه للناس واظهار منه ولو قيل بدا للّه ، فإنّما هو من باب المشاكلة والمجاز ، والقرآن مليء به ، فقد نسب الذكر الحكيم إليه سبحانه المكر وقال : ( وَمَكَرُوا