قصّرنا ولا دخلنا المسجد الحرام ، فأنزل اللّه سبحانه قوله : ( لَتَدْخُلُنَّ المَسْجِدَ الَحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللّهُ آمِنينن ) (١).
ولو أراد المتتبّع أن يتعمّق في السيرو التفاسير يجد أنّ مخالفة القوم للرسول لم تكن مختصّة بموضوع دون موضوع ، فكان تقديم الاجتهاد على النص شيئاً رائجاً عندهم ولنكتف في المقام بالمخالفتين الأخيرتين أيّام مرض وفاته.
اتّفق المؤرّخون على أنّ النبي الأكرم أمر بتجهيز جيش اُسامة فقال : « جهّزوا جيش اُسامة ، لعن اللّه من تخلّف عنه » فقال قوم : « يجب علينا امتثال أمره » واُسامة قد برز من المدينة ، وقال قوم : « قد اشتدّ مرض النبي فلا تسع قلوبنا مفارقته والحال هذه ، فنصبر حتّى ننظر أي شيء يكون من أمره » (٢).
هذا ما يذكره الشهرستاني ملخّصاً ، وذكره المؤرّخون على وجه التفصيل ، فقال الطبري في أحداث سنة احدى عشرة : « وضرب على الناس بعثاً وأمّر عليهم اُسامة بن زيد ، وأمره أن يوطئ من آبل الزيت من مشارف الشام الأرض بالأردن ، فقال المنافقون في ذلك ، وردّ عليهم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إنّه لخليق لها أي حقيق بالامارة وإن قلتم فيه لقد قلتم في أبيه من قبل ، وإن كان لخليقاً لها » فطار الأخبار بتحلل السير بالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (٣).
ويقول أيضاً : « لقد ضرب بعث اُسامة ، فلم يستتبّ لوجع رسول اللّه وقد أكثر
__________________
١ ـ الفتح / ٢٧.
٢ ـ الملل والنحل للشهرستاني ١ / ٢٩ ـ ٣٠ ( تحقيق محمّد بن فتح اللّه بدران ).
٣ ـ تاريخ الطبري ٢ / ٤٢٩.