تصفون واللّه ما ولّيته الأمر إلا ليردّه إليك واللّه كل يوم في شأن (١).
وبهذا تبين أنّ الشورى كانت نظرية بدون تطبيق وكانت اسماً بلا مسمى.
إذا لم تكن الشورى مبدأ للحكم في الاسلام ، فماذا يعني الامام علي من قوله في رسالته إلى معاوية حيث يقول : إنّه بايعني القوم الذين بايعوا أبابكر وعمر وعثمان على ما بايعوهم عليه ، فلم يكن للشاهد أن يختار ، ولا للغائب أن يردّ ، إنّما الشورى للمهاجرين والأنصار فإن اجتمعوا على رجل وسموه إماماً كان ذلك لله رضاً (٢).
نقول : إنّ ابن أبي الحديد أوّل من احتجّ بهذه الخطبة ، على أنّ نظام الحكومة بعد وفاة النبيّ هو نظام الشورى ، وتبعه البعض غفلة عن حقيقة المراد ، وذلك لأنّ ملاحظة اسلوب الكلام ، وما صدَّر به الامام رسالته ، أعني قوله : « انّه بايعني الذين بايعوا أبابكر وعمر وعثمان » تدل بوضوح على أنّ الامام كان في مقام الاحتجاج بمسلَّم الخصم ـ أعني معاوية ـ ، على قاعدة « ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم » ، فإنّه خرج عن طاعة الامام مع اعتناقه إمامة من تقدّم ، فالامام يحتجّ عليه بأنّه بايعني الذين بايعوا الثلاثة فما وجه البغي عليّ والطاعة لهم ، ولو لم يكن في مقام الجدل وافحام الخصم ، لما كان لذكر خلافة الخلفاء في صدر الرسالة وجه ، مع أنّ للامام كلمات في تخطئة الشورى التي تمّت بها ، أو بادّعائها خلافة الخلفاء ، ومن تصفّح نهج البلاغة يقف عليها.
__________________
١ ـ شرح النهج : لابن أبي الحديد ١ / ١٩٣ ـ ١٩٤.
٢ ـ الامامة والسياسة ٢٣ ، ونهج البلاغة قسم الرسائل ، برقم ٤٥.