بلاد الفرات (١).
دخل التشيّع في اليمن منذ أن أسلموا بيد علي عليهالسلام يحدثنا التاريخ انّ رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم بعث خالد بن الوليد إلى اليمن ليدعوهم إلى الإسلام فأقام هناك ستة أشهر فلم يجيبوه إلى شيء. فبعث النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم علي بن أبي طالبعليهالسلام وأمره أن يرجع خالد بن الوليد ومن معه. قال البراء : فلمّأ انتهينا إلى أوائل اليمن بلغ القوم الخبر فجمعوا له فصلّى بنا عليّ الفجر ، فلمّا فرغ صفّنا صفّاً واحداً ثمّ تقدّم بين أيدينا فحمداللّه واثنى عليه ثمّ قرأ عليهم كتاب رسول اللّه فأسلمت همدان كلّها في يوم واحد وكتب بذلك إلى رسول اللّه ، فلمّا قرأ كتابه خرّ ساجداً ثمّ جلس فقال : السلام على همدان ، السلام على همدان ثمّ تتابع أهل اليمن على الاسلام (٢) فكان تمسّكهم بعرى الإسلام على يد علي وصار هذا أكبر العوامل لصيرورتهم علويين مذهباً ونزعة. وفي ظل هذه النزعة ضحّوا بأنفسهم ونفيسهم بين يدي علي في حروبه.
أضف إليه أنّهم سمعوا من المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم فضائل إمامهم ومناقبه غير مرّة وهذا ممّا زادهم شوقاً وملأ قلوبهم حبّاً وولاءً له ، روى المحدثون : انّ اليمانيين طلبوا من النبي أن يبعث إليهم رجلاً يفقّههم في الدين ويعلّمهم السنن ويحكم بينهم بكتاب اللّه ، فبعث النبي علياً وضرب على صدره وقال : « اللّهمّ اهد قلبه ، وثبّت لسانه ». قال الامام عليهالسلام : فما شككت في قضاء بين اثنين حتى
__________________
١ ـ محمّد حسين المظفر : تاريخ الشيعة ٦٩ ـ ٧١ و ١١٠ ـ ١١١.
٢ ـ ابن الأثير : الكامل ٢ / ٣٠٠ في حوادث السنة العاشرة. دار صادر.