إنّ الامام أمير المؤمنين عليهالسلام قد أفصح بما يكنّه ضميره حول وصية الشورى ، فقال في بعض خطبه : « فيا للّه والشورى ، متى اعترض الريب فيّ مع الأوّل حتى صرت اُقرن إلى هذه النظائر ، لكنّي أسففت إذ أسفّوا. وطرت إذ طاروا. فصغا رجل منهم لضغنه ، ومال الآخر لصهره مع هن وهن » (١).
وهذا كلام علي في أواخر أيامه. فقد اعترض هو أيضاً في أيام الشورى وكذلك فعل أصحابه فروى الطبري أنّ عبد الرحمان قال : أيّها الناس أشيروا عليّ في هذين الرجلين؟ فقال عمّار بن ياسر : إنّ أردت أن لا يختلف الناس فبايع علياً. فقال المقداد : صدق عمّار ، وإن بايعت علياً سمعنا وأطعنا ، فقال عبد اللّه بن أبي سرح : إن أردت أن لا تختلف قريش فبايع عثمان ، وقال عبد اللّه بن أبي ربيعة المخزومي : صدق ، إن بايعت عثمان سمعنا وأطعنا ، فشتم عمّار بن أبي سرح وقال له : متى كنت تنصح الاسلام؟!
فتكلّم بنو هاشم وبنو اُميّة وقام عمّار وقال : أيّها الناس إنّ اللّه أكرمكم بنبيّه وأعزّكم بدينه فإلى متى تصرفون هذا الأمر عن أهل بيت نبيّكم. فقال رجل من بني مخزوم : لقد عدوت طورك يابن سمية وما أنت وتأمير قريش لأنفسها. فقال سعد : يا عبد الرحمان أفرغ من أمرك قبل أن يفتتن الناس فحينئذ عرض عبد الرحمان على علي عليهالسلام العمل بسيرة الشيخين.
فقال : بل أجتهد برأيي فبايع عثمان بعد أن عرض عليه فقال : نعم ، فقال علي عليهالسلام : ليس هذا بأوّل يوم تظاهرتم فيه علينا فصبر جميل واللّه المستعان على ما
__________________
١ ـ نهج البلاغة ، قسم الخطب / الخطبة ٣.