فلا يخرج من عندك حتّى يبايع أو تضرب عنقه فوثب عند ذلك الحسين عليهالسلام وقال : أنت يا بن الزرقاء تقتلني أو هو؟ كذبت واللّه وأثمت فخرج (١).
وأصبح الحسين من غده يستمع الأخبار فإذا هو بمروان بن الحكم قد عارضه في طريقه فقال : أبا عبداللّه إنّي لك ناصح فأطعني ترشد وتسدّد ، فقال : وما ذاك قل أسمع ، فقال : إنّي أرشدك لبيعة يزيد فانّها خير لك في دينك وفي دنياك ، فاسترجع الحسين وقال : إنّا للّه وإنّا إليه راجعون. وعلى الإسلام السلام إذا بليت الاُمّة براع مثل يزيد ، ثمّ قال : يا مروان أترشدني لبيعة يزيد. ويزيد رجل فاسق لقد قلت شططاً من القول وزللا ، ولا ألومك فانّك اللعين الذي لعنك رسول اللّه وأنت في صلب أبيك الحكم بن العاص ومن لعنه رسول اللّه ، فلا ينكر منه أن يدعو لبيعة يزيد. إليك عنّي يا عدوّ اللّه. فإنّا أهل بيت رسول اللّه الحق فينا ينطق على ألسنتنا.
وقد سمعت جدّي رسول اللّه يقول : الخلافة محرّمة على آل أبي سفيان الطلقاء وأبناء الطلقاء. فإذا رأيتم معاوية على منبري فابقروا بطنه. ولقد رآه أهل المدينة على منبر رسول اللّه فلم يفعلوا به ما اُمروا فابتلاهم بابنه يزيد (٢).
ثمّ إنّ الحسين غادر المدينة إلى مكة. ولمّا بلغ أهل الكوفة هلاك معاوية اجتمعت الشيعة في منزل سليمان بن صرد فاتّفقوا أن يكتبوا إلى الحسين رسائل وينفذوا رسلاً طالبين منه مغادرته مكة إلى الكوفة وهذا نموذج من رسائلهم.
« فقد اخضرّت الجنّات ، وأينعت الثمار فإذا شئت فاقدم على جندٍ لك مجنّدة ».
ولمّا جاءت رسائل أهل الكوفة تترى كتب إليهم الحسين : انّه قد اجتمع رأي
__________________
١ ـ الشيخ المفيد : الارشاد ٢٠٠ طبع النجف.
٢ ـ الخوارزمي : مقتل الحسين ١ / ١٨٤ ـ ١٨٥.