فقال : « قد أجبتكم لما أرى ، واعلموا إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم ، وإن تركتموني ، فانّما أنا كأحدكم ، إلا أنّي أسمعكم وأطوعكم لمن ولّيتموه أمركم » (١).
هذا ما يذكره الطبري ، وأمّا الامام فهو يصف كيفية هجوم الناس على بيته لمبايعته فيقول : « فتداكّوا عليّ ، تداكّ الإبل اليهم يوم وِرْدِها ، وقد أرسلها راعيها ، وخُلعت مثانيها ، حتى ظننت أنّهم قاتلي ، أو بعضهم قاتل بعض لديَّ » (٢).
وفي خطبة اُخرى : « فما راعني إلا والناس كعرف الضبع إليَّ ، ينثالون عليّ من كل جانب حتى لقد وطئ الحسنان ، وشقّ عطفاي ، مجتمعين حولي كربيضة الغنم » (٣).
ولم تشهد ساحة الخلافة احتشاداً جماهيرياً إلى يومنا هذا ، مثلما شهدته في ذلك الزمان ، فقد اتّفق المهاجرون والأنصار ، والتابعون لهم ئإحسان على المبايعة ، ولم يتخلّف إلا قليل من الناس لا يتجاوز عدد الأنامل. وقد جاء الطبري بأسمائهم يقول : بايعت الأنصار علياً إلا نفراً يسيراً ، منهم حسان بن ثابت ، وكعب بن مالك ، ومسلمة بن مخلد ، وأبو سعيد الخدري ، ومحمّد بن مسلمة ، والنعمان بن بشير ، وزيد بن ثابت ورافع بن خُديج ، وفضالة بن عبيد ، وكعب بن عجرة وكانوا عثمانية. فقال رجل لعبد اللّه بن حسن : كيف أبى هؤلاء بيعة علي وكانوا عثمانية ، فقال : أمّا حسّان ، فكان شاعراً لا يبالي ما يصنع ، وأمّا زيد بن
__________________
١ ـ تاريخ الطبري ٣ / ٤٥٦.
٢ ـ نهج البلاغة ، الخطبة ٥٣ ، تداكوا : ازدحموا ، والهيم : العطاش ، يوم رودها : يوم شربها ، والمثاني : الحبال.
٣ ـ نهج البلاغة ، الخطبة ٣ ، عُرْف الضبع : ما كثر على عنقها من الشعر ، يضرب به المثل الكثرة ، ينثالون : يتتابعون ، شقّ عطفاي : خدش جانباه من الاصطكاك.