فالرواية مكذوبة اختلقتها يد الغلوّ في الفضائل ، وإن كنّا لا نناقش في إمكان خضوع النيل لتلكم الكتابة ، فيكون معجزة للإسلام لمسيس حاجة القوم إلى مثلها لحداثة عهدهم بالإسلام.
وأمّا ما جاء به الرازي من حديث الزلزلة فلم يوجد في حوادث عهد عمر لا مسنداً ولا مرسلاً ، ولم يذكره قطّ مؤرّخ ضليع ، ولم يخرجه الحفّاظ حتى ينظر في إسناده. وقوله : وما حدثت الزلزلة بالمدينة بعد ذلك ، فكرامة مكذوبة يكذّبها التاريخ ، وقد وقعت الزلزلة بعد ذلك غير مرّة فقد وقعت زلزلة عظيمة بالحجاز سنة (٥١٥) فتضعضع بسببها الركن اليماني وتهدّم بعضه ، وتهدّم بها شيء من مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كما ذكره ابن كثير في تاريخه (١) (١٢ / ١٨٨).
وحدثت بالمدينة زلزلة عظيمة ليلاً واستمرّت أيّاماً ، وكانت تزلزل كلّ يوم وليلة قدر عشر نوبات. وذلك سنة (٦٥٤) وقصّتها طويلة توجد في تاريخ ابن كثير (٢) (١٣ / ١٨٨ ، ١٩٠ ، ١٩١ ، ١٩٢).
واعطف على ما قاله الرازي قول السكتواري من أنّها أوّل زلزلة كانت في الإسلام سنة عشرين من الهجرة. فقد وقعت سنة ستّ من الهجرة الشريفة كما في تاريخ الخميس (٣) (١ / ٥٦٥) فقال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنّ الله عزّ وجلّ يستعتبكم فأعتبوه.
وأمّا حديث قول عمر : يا سارية الجبل الجبل ، فقال السيّد محمد بن درويش الحوت في أسنى المطالب (٤) (ص ٢٦٥) : هو من كلام عمر قاله على المنبر حين كُشِف
__________________
(١) البداية والنهاية : ١٢ / ٢٣٣ حوادث سنة ٥١٥ ه.
(٢) البداية والنهاية : ١٣ / ٢٢٠ حوادث سنة ٦٥٤ ه.
(٣) تاريخ الخميس : ١ / ٥٠٢.
(٤) أسنى المطالب : ص ٥٥٣ ح ١٧٦٤.