وأخرجه (١) الحكيم الترمذي في نوادر الأصول (ص ١١٩) ، والبغوي في المصابيح (٢ / ٢٧٠) ، وابن عبد البرّ في الاستيعاب (٢ / ٤٢٩) ، والمحبّ الطبري في الرياض (٢ / ٨). وفي لفظهم :
بينا أنا نائم أُتِيتُ بقدح لبن فشربت حتى رأيت الريّ يخرج من أظفاري ثمّ أعطيت فضلي عمر. الحديث.
قال الحافظ ابن أبي جمرة الأزدي الأندلسي في بهجة النفوس (٤ / ٢٤٤) عند شرحه الحديث : فانظر بنظرك إلى الذي شرب فضله عليهالسلام كيف كان قوّة علمه الذي لم يقدر أحد من الخلفاء يماثله فيه؟ فكيف بغيرهم من الصحابة؟ وكيف ممّن بعد الصحابة؟ إلى آخر ما جاء به من التافهات.
قال الأميني : إنّ طبع الحال يستدعي أن تكون هذه الرؤيا بعد إسلام عمر وبعد مضيّ سنين من البعثة ، وهل كان صلىاللهعليهوآلهوسلم طيلة هذه المدّة خلواً من العلم؟ وهو في دور الرسالة ، أو كان في علمه إعواز أكمله هذا اللبن الساري ريّه في ظفره أو أظفاره؟ أو كان فيها إعلام بمبلغ علم عمر فحسب ، وكناية عن أنّه من مستقى الوحي؟ فهل تخفى على من هو هذا شأنه جليّة المسائل فضلاً عن معضلاتها؟ وهل يسعه أن يعتذر في الجهل بكتاب الله بقوله : ألهاني عنه الصفق بالأسواق؟
وهلاّ تأثّرت نفس الرجل بالعلم لمّا شرب من منهل علم النبيّ العظيم؟ فما معنى قوله : كلّ الناس أفقه من عمر حتى ربّات الحجال؟ وأمثاله (٢) ، وما الوجه في أخطائه التي لا تحصى في الفتيا وغيرها؟ ممّا سبق ويأتي إن شاء الله تعالى.
ولقد تلطّف المولى سبحانه على الأمّة المرحومة أنّه ولي أمرها بعد شرب تلك
__________________
(١) نوادر الأصول : ١ / ٢٦٠ الأصل ٧٧ ، مصابيح السنّة : ٤ / ١٥٥ ح ٤٧٢٨ ، الاستيعاب : القسم الثالث / ١١٤٨ رقم ١٨٧٨ ، الرياض النضرة : ٢ / ٢٧٤.
(٢) راجع ما مرّ في الجزء السادس : ص ٣٢٨. (المؤلف)