ثم التفت فقال : أزيدكم؟ فقالوا : لا قد قضينا صلاتنا ، ثمّ دخل عليه بعد ذلك أبو زينب وجندب بن زهير الأزدي وهو سكران فانتزعا خاتمه من يده وهو لا يشعر سكراً.
قال أبو إسحاق : وأخبرني مسروق أنّه حين صلّى لم يَرِمْ حتى قاء ، فخرج في أمره إلى عثمان أربعة نفر : أبو زينب ، وجندب بن زهير ، وأبو حبيبة الغفاري ، والصعب بن جثامة ، فأخبروا عثمان خبره ، فقال عبد الرحمن بن عوف : ماله؟ أجنّ؟ قالوا : لا ، ولكنّه سكر. قال : فأوعدهم عثمان وتهدّدهم ، وقال لجندب : أنت رأيت أخي (١) يشرب الخمر؟ قال. معاذ الله ، ولكنّي أشهد أنّي رأيته سكران يقلسها من جوفه ، وأنّي أخذت خاتمه من يده وهو سكران لا يعقل.
قال أبو إسحاق : فأتى الشهود عائشة فأخبروها بما جرى بينهم وبين عثمان ، وأنّ عثمان زبرهم ، فنادت عائشة : أنّ عثمان أبطل الحدود وتوعّد الشهود.
وقال الواقدي : وقد يقال : إنّ عثمان ضرب بعض الشهود أسواطاً ، فأتوا عليّا فشكوا ذلك إليه. فأتى عثمان فقال : «عطّلت الحدود وضربت قوماً شهدوا على أخيك فقلّبت الحكم ، وقد قال عمر : لا تحمل بني أُميّة وآل أبي معيط خاصّة على رقاب الناس» قال : فما ترى؟ قال : «أرى أن تعزله ولا تولّيه شيئاً من أُمور المسلمين ، وأن تسأل عن الشهود فإن لم يكونوا أهل ظنّة ولا عداوة أقمت على صاحبك الحدّ».
قال : ويقال : إنّ عائشة أغلظت لعثمان وأغلظ لها ، وقال : وما أنت وهذا؟ إنّما أُمِرتِ أن تقرّي في بيتك. فقال قوم مثل قوله : وقال آخرون : ومن أولى بذلك منها ، فاضطربوا بالنعال ، وكان ذلك أوّل قتال بين المسلمين بعد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وأخرج من عدّة طرق : أنّ طلحة والزبير أتيا عثمان فقالا له : قد نهيناك عن
__________________
(١) كان الوليد أخاه لأمّه ، أمّهما أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس. (المؤلف)