وعن الزهري : لمّا استخلف عثمان دعا المهاجرين والأنصار فقال : أشيروا عليّ في قتل هذا الذي فتق في الدين ما فتق. فأجمع رأي المهاجرين والأنصار على كلمة واحدة يشجّعون عثمان على قتله ، وقال جلّ الناس : أبعد الله الهرمزان وجفينة يريدون يُتبعون عبيد الله أباه. فكثر ذلك القول ، فقال عمرو بن العاص : يا أمير المؤمنين إنّ هذا الأمر قد كان قبل أن يكون لك سلطان على الناس فأعرض عنه ، فتفرّق الناس عن كلام عمرو بن العاص.
وعن ابن جريح : إنّ عثمان استشار المسلمين فأجمعوا على ديتهما ، ولا يقتل بهما عبيد الله بن عمر ، وكانا قد أسلما ، وفرض لهما عمر ، وكان عليّ بن أبي طالب لمّا بويع له أراد قتل عبيد الله بن عمر فهرب منه إلى معاوية بن أبي سفيان ، فلم يزل معه فقتل بصفين (١).
وذكر الطبري في تاريخه (٢) (٥ / ٤١) قال : جلس عثمان في جانب المسجد ـ لمّا بويع ـ ودعا عبيد الله بن عمر ، وكان محبوساً في دار سعد بن أبي وقّاص ، وهو الذي نزع السيف من يده بعد قتله جُفَينة والهرمزان وابنة أبي لؤلؤة ، وكان يقول : والله لأقتلنّ رجالاً ممّن شرك في دم أبي. يعرّض بالمهاجرين والأنصار فقام إليه سعد فنزع السيف من يده ، وجذب شعره حتى أضجعه إلى الأرض ، وحبسه في داره حتى أخرجه عثمان إليه ، فقال عثمان لجماعة من المهاجرين والأنصار : أشيروا عليّ في هذا الذي فتق في الإسلام ما فتق ، فقال عليّ : «أرى أن تقتله». فقال بعض المهاجرين : قُتل عمر أمس ويُقتل ابنه اليوم؟ فقال عمرو بن العاص : يا أمير المؤمنين إنّ الله قد أعفاك أن يكون هذا الحدث كان ولك على المسلمين سلطان ، إنّما كان هذا الحدث ولا سلطان لك ، قال عثمان : أنا وليّهم وقد جعلتها دية واحتملتها في مالي ،
__________________
(١) حذفنا أسانيد هذه الأحاديث روماً للاختصار وهي كلّها مسندة. (المؤلف)
(٢) تاريخ الأُمم والملوك : ٤ / ٢٣٩.